فلما رأى إبطاءهم عن ذلك وتلكؤهم خرج وحده مغضبا نحو أهل الردة حتى لحقه المهاجرون والأنصار في المسلمين، فقالوا: تكفى يا خليفة رسول الله، وننفذ لأمرك، والصواب ما رأيت.
فلو لم تعلم من شدة قلبه واجتماع رأيه وقلة وحشته إلا هذا كان كافيا.
وأبو بكر الذي ولاه النبي - صلى الله عليه - يوم حنين ميمنته، وولى عمر ميسرته، فلم يكن النبي - صلى الله عليه - ليستكفيهما أهم المواضع إليه وهما لا يكفيانه.
ولقد انكشف الناس وثبتا في مواضعهما. وكان أقرب القوم إلى النبي ﷺ يومئذ - إذ كان لا بد لصاحب الميمنة والميسرة من أن يكون أبعد ممن يكون في القلب - أبو سفيان بن الحارث، والعباس بن عبد المطلب، والفضل بن عباس، وربيعة بن الحارث، وأيمن بن عبيد أخو أسامة بن زيد لأمه، وصبر مع النبي ﷺ بعد هؤلاء مائة وثلاثة وثلاثون من المهاجرين، وسبعة وستون من الأنصار.
ومما نعرف به شدة شكيمته وصدق وصرامة رأيه قوله للمسلمين يوم توفي النبي ﷺ حيث قام خطيبا وبالمدينة منافقون لا يألونهم خبالا يعضون عليهم الأنامل من الغيظ، وقد انتقض ما حول المدينة، فكان مما قال في خطبته:
1 / 66