Усман ибн Аффан: между халифатом и царством
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
Жанры
دار الأرقم.» وقال ابن كثير في البداية والنهاية: «أسلم عثمان - رضي الله عنه - قديما على يدي أبي بكر الصديق»، وكان إسلامه عجيبا فيما ذكر الحافظ بن عساكر. وملخص ذلك أنه لما بلغه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
زوج ابنته رقية، وكانت ذات جمال، من ابن عمه عتبة بن أبي لهب، تأسف إذ لم يكن هو تزوجها، فدخل على أهله مهموما، فوجد عندهم خالته سعدية بنت كريز، وكانت كاهنة، فبشرته بزواجه من رقية. قال عثمان: «فعجبت من أمرها حيث تبشرني بالمرأة وقد تزوجت بغيري. فقلت: أيا خالة ما تقولين؟!» قالت: «عثمان لك الجاه، ولك الشأن، هذا النبي معه البرهان، أرسله بحقه الديان، وجاءه التنزيل والفرقان، فتابعه لا تغتالك الأوثان.» قال: «قلت: إنك لتذكرين أمرا ما وقع ببلدنا.» فقالت: «محمد بن عبد الله رسول من عند الله، بتنزيل الله، يدعو به إلى الله»، ثم قالت: «مصباحه مصباح، ودينه فلاح، وأمره نجاح، وقرنه نطاح، ذلت له البطاح، ما ينفع الصياح، لو وقع الذباح، وسلت الصفاح، ومدت الرماح.» قال عثمان: «فانطلقت مفكرا فلقيني أبو بكر فأخبرته»، فقال: «ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم، ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأصنام التي يعبدها قومك، أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع.» قلت: «بلى، والله إنها لكذلك.» فقال: «والله لقد صدقتك خالتك، هذا رسول الله محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه برسالته، هل لك أن تأتيه؟» فاجتمعنا برسول الله. فقال: «يا عثمان، أجب الله إلى حقه، فإني رسول الله إليك وإلى خلقه»، قال: فوالله ما تمالكت نفسي منذ سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أن أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية ابنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فكان يقال:
أحسن زوج رآه إنسان
رقية وزوجها عثمان
هذه روايات قيلت في إسلام عثمان، لك أن تأخذ منها ما تشاء وأن تدع ما تشاء. ولك أن تقول إن رواية ابن كثير موضوع أكثرها، فلم يكن أمر محمد قد فشا إلى يومئذ في قريش، وكانت دعوته لا يزال الناس يتحدثون عنها على استحياء. ولست أدري أكان لتعلق عثمان برقية أثر في إسلامه. فلم تكن هي قد بلغت العشرين، حتى ولو أنها كانت كبرى ما أعقب رسول الله، وكان عثمان يومئذ يقارب الأربعين. وكان قد تزوج غيرها في جاهليته فكان يكنى أبا عمر، فلما ولد له من رقية غلام سماه عبد الله واكتنى به، وبقيت له هذه الكنية رغم أن الغلام مات طفلا في السادسة من عمره. ولعل ابن كثير ساق هذه الرواية عن الحافظ ابن عساكر عمن أخذها الحافظ عنهم؛ لأنها تتفق وما عرف من رقة عثمان وتملك العاطفة قلبه. وهذا المعنى هو ما دعانا إلى إثباتها هنا، وإن كنا في ريب منها حتى لنرجح أنها وضعت من بعد لسبب من الأسباب.
أسلم عثمان وتزوج رقية بنت رسول الله وأقام معها بمكة يزاول تجارته، ويشارك إخوانه السابقين إلى الإسلام في الأخذ بما ينزل الوحي به وما يلقي محمد عليهم من تعاليمه. وبدأ الإسلام ينتشر فبدأت قريش تناوئ المسلمين وتصيبهم بالأذى. وظلوا كذلك سنوات حسوما. فلما ضاقوا به ذرعا أمرهم رسول الله أن يتفرقوا في الأرض فرارا إلى الله بدينهم، ونصح إليهم أن يذهبوا إلى أرض الحبشة. وكان أول الذين ذهبوا إليها أحد عشر مسلما رجالا ونساء، وكان عثمان وزوجته رقية أسبق هؤلاء إلى الهجرة.
Неизвестная страница