أي واستغنم وقت صحبة الفقراء واحضر دائما معهم بقلبك وقالبك تسري إليك زوائدهم وتغمرك فوائدهم وينصح ظاهرك بالتأدب بآدابهم ويشرق باطنك بالتحلي بأنوارهم فإن من جالس جانس فإن جلست مع المحزون حزنت وإن جلست مع المسرور سررت وإن جلست مع الغافلين سرت إليك الغفلة وإن جلست مع الذاكرين انتبهت من غفلتك وسرت إليك اليقظة فإنهم القوم لا يشقى جليسهم فكيف يشقى خادمهم ومحبهم وأنيسهم وما أحسن ما قيل
( لي سادة من عزهم
أقدامهم فوق الجباه )
( إن لم أكن منهم
فلي في حبهم عز وجاه )
واعلم أن هذا الرضى وهذا المقام يخص من حضر معهم بالتأدب وخرج عن نفسه وتحلى بالذلة والانكسار فاخرج عنك إذا حضرت بين أيديهم وانطرح وانكسر إذا حللت بناديهم فعند ذلك تذوق لذة الحضور واستعن على ذلك بملازمة الصمت تشرق لك أنوار الفرح ويغمرك السرور كما قال رضي الله عنه
( ولازم الصمت إلا إن سئلت فقل
لا علم عندي وكن بالجهل مستترا )
الصمت عند أهل الطريقة من لازمه ارتفع بنيانه وتم غراسه وهو نوعان 1 - صمت باللسان 2 - وصمت بالجنان
Страница 207