نفلق هامًا لم تنله أكفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم
قال: قلت: الفرزدق، يا أمير المؤمنين؛ قال: كيف يفلق هامًا لم تنله كفه؟ قلت: على التقديم والتأخير، كأنه قال: نفلق بأسيافنا هام الملوك القماقم هام من لم تنله أكفنا، على التعجب والاستفهام؛ قال: أصبت. ثم أقبل على الكسائي؛ فحادثه ساعةً، ثم التفت إلي، فقال: أعندكم مسألةٌ؟ قلت: نعم، لصاحب هذا البيت؛ قال: هات! قلت: قال:
أخذنا بآفاق السماء عليكم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع
قال الرشيد: قد أفادنا هذا الشيخ؛ يعني الكسائي، ثم التفت إلى محمدٍ والمأمون، فقال: أحفظتما ما قاله في هذه المسألة؟ قالا: نعم، علمنا علي بن حمزة أن القمرين ها هنا الشمس والقمر، كما قالوا: سيرة العمرين، يريدون أبا بكرٍ وعمر، وكما قالوا: ما أطرد الأسودان، أي: الليل والنهار. قلت: أزيد يا أمير المؤمنين في السؤال؟ قال: زد! قلت: فلم استحبوا هذا؟ قال: لما اجتمع شيئان من جنسٍ واحدٍ فكان أحدهما أشهر من الآخر، غلب الأشهر، لأن القمر أشهر عند العرب لأنسه وكثرة بروزهم فيه ومشاهدتهم إياه دون الشمس في أكثر الأوقات، وتلك القصة في قولهم: العمران، لطول خلافة عمر
1 / 49