[٦] أَخْبَرَنَا طَرَّادٌ، أنا هِلالٌ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ الله بن الحارث،
_________
[٦] خ "٢/ ٨٢" "٣٤" كتاب البيوع - "١٩" باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا - عن طريق سليمان بن حرب، عن شعبة، عن قتادة به. رقم "٢٠٧٩".
"أطرافه في: ٢٠٨٢، ٢١٠٨، ٢١١٠، ٢١١٤".
م "٣/ ١١٦٤" "٢١" كتاب البيوع - "١١" باب الصدق في البيع - من طريق محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن عمر بن علي، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن قتادة به. رقم "٤٧/ ١٥٣٢".
والحديث بظاهره يدل على خيار المجلس.
قال الإمام البغوي مبينًا آراء العلماء في ذلك:
اختلف أهل العلم في ثبوت خيار المكان للمتبايعين؛ فذهب أكثرهم إلى أنهما بالخيار بين فسخ البيع وإمضائه ما لم يتفرقا بالأبدان، يُروى فيه عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وحكيم بن حزام، وهو قول عبد الله بن عمر، وأبي بَرْزَة الأسلمي، وإليه ذهب شريح، وسعيد بن المسيَّب، والحسن البصري، والشعبي، وطاوس، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال الزهري والأوزاعي، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وقال النخعي: لا يثبت خيار المكان، ويلزم اليبع بنفس التواجب وهو قول مالك، والثوري، وأصحاب الرأي، وحملوا التفرقَ المذكور في الحديث على التفرق في الرأي والكلام.
والأول أصح؛ لأن العلم قد استقر بين العامة على أن ملك البائع لا يزال إلا بقبول من جهة المشتري، فتأويل الحديث على أمر معلوم عند العامة إخلاء الحديث عن الفائدة، والدليل على أن المراد منه هو التفرق بالأبدان ما رُوي أن ابن عمر كان إذا ابتاع الشيء يعجبه أن يجب له، فارق صاحبه، فمشى قليلًا، ثم رجع فحمل التفرق على التفرق بالأبدان، وراوي الحديث أعلم بالحديث من غيره.
وروي عن أبي الوضيء قال: كنا في غزاة، فباع صاحب لنا فرسًا له من رجل، وباتا ليلة، فلما أردنا الرحيل خاصمه إلى أبي برزة، فقال أبو برزة: لا أراكما تفرقتما، سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: "البيعان بالخيار مالم يتفرقا".
ورُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا، إلا صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله". ففيه دليل على أن المراد من التفرق الأبدان، وقوله: "خشية أن يستقيله" أراد: خشية أن يفسخ العقد، فيكون بمنزلة الاستقالة؛ لأن الإقالة لا تعلق لها بمجلس العقد؛ بل يجوز بعد التفرق كما يجوز قبله، وقوله في الحديث: "إلا بيع الخيار" معناه: أن يقول أحدهما لصاحبه: اختر، فقول: اخترت، فيكون هذا إلزامًا للبيع منهما، وإن كان المجلس قائمًا، ويسقط خيارهما، وتأوَّله بعضهم على خيار الشرط، وقال: هذا استثناء يرجع إلى مفهوم مدة الخيار، معناه: كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، فإذا تفرقا لزم البيع إلا أن يتبايعا بشرط خيار ثلاثة أيام، فيبقى خيار الشرط بعد التفرق، وهذا تأويل بعيد؛ لأن الاستثناء يرجع إلى ما ظهر من الكلام، وظاهر الكلام إثبات الخيار، والاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات. وفي الحديث بيان أن على البائع إذا علم بما باع عيبًا ألا يكتمه. "شرح السنة ٨/ ٣٩-٤١، ٤٥".
1 / 35