وقال - صلى الله عليه وسلم - في حق المتخلفين عن غزوة تبوك من الحريصين على الخروج معه: "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر" (¬1).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من امرىء تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم، إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه" (¬2).
فليس الشأن فيمن يقوم الليل، إنما الشأن فيمن ينام على فراشه، ثم يصبح، وقد سبق الركب بعلو همته، وطهارة قلبه، وقوة يقينه، وشدة إخلاصه، وفي ذلك قيل:
من لي بمثل سيرك المدلل ... تمشي رويدا وتجيء في الأول
وما أحسن قول الشاعر مخاطبا الحجيج، وقد انطلقوا للحج:
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد ... سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر وعن قدر ... ومن أقام على عذر فقد راحا
وقد يتفوق المؤمن بهمته العالية كما بين ذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "سبق درهم مائة ألف"، قالوا: "يا رسول الله! كيف يسبق درهم مائة ألف؟ "، قال: "رجل كان له درهمان، فأخذ أحدهما، فتصدق به، وآخر له مال كثير، فأخذ من عرضها مائة ألف" (¬3).
...
Страница 17