[كمال الإنسان مداره على أصلين: معرفة الحق من الباطل، وإيثار الحق على الباطل (¬2) وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة؛ إلا بقدر تفاوت منازلهم في هذين الأمرين وهما اللذان أثنى الله سبحانه على أنبيائه -عليهم الصلاة والسلام- في قوله تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار} فالأيدي: القوة في تنفيذ الحق، والأبصار: البصائر في الدين، فوصفهم بكمال إدراك الحق، وكمال تنفيذه، وانقسم الناس في هذا المقام أربعة أقسم، فهؤلاء أشرف الأقسام من الخلق، وأكرمهم على الله تعالى.
القسم الثاني: عكس هؤلاء، من لا بصيرة له في الدين، ولا قوة على تنفيذ الحق، وهم أكثر هذا الخلق وهم الذين رؤيتهم قذى العيون، وحمى الأرواح، وسقم القلوب، يضيقون الديار ويغلون الأسعار، ولا يستفاد من صحبتهم إلا العار والشنار.
القسم الثالث: من له بصيرة في الهدى ومعرفة به، ولكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه، ولا الدعوة إليه، وهذا حال المؤمن الضعيف، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله منه.
القسم الرابع: من له قوة وهمة وعزيمة، لكنه ضعيف البصرة في الدين، لا يكاد يميز أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، بل يحسب كل سوداء تمرة، وكل بيضاء شحمة، يحسب الورم شحما، والدواء النافع سما.
Страница 13