الحرَّة؛ لأنَّ يزيدَ بنَ معاوية بعثَ جيشَه يريدُ المدينة، وعليهم صخرُ بنُ أبي الجَهْم، فتُوفِّيَ صخرٌ قبلَ مسيرِ الجيش إليها، فاستعمل يزيدُ عليهم بعده مسلم بن عقبة المزني، فسار بهم حتَّى نزل المدينة، فقاتلهم حتَّى هزمَهم، وأباح المدينةَ ثلاثَةَ أيَّام، فسمِّيت هذه الوقعةُ وقعةَ الحرَّة (١)، فهما متفقان في الاسم واسم الأب والقبيلة، ومفترقان في اسم الجدِّ والبطن من القبيلة.
فالأول: مأربي، والثاني: حارثي، وكلاهما أنصاريان خزرجيان، فيدخلان في نوعِ المتفق المفترق من علوم الحديث - والله أعلم -.
وأمَّا ألفاظه، فقوله: "دعا بتَوْرٍ مِنْ صُفْرِ"، التَّوْرُ: مثلُ الإِجَّانَةِ تشبهُ القِدْرَ، ويكون من حجارةٍ ومن نُحاس (٢).
وقال شيخنا أبو الفتح القاضي: هو الطَّسْتُ (٣).
والصُّفْر -بضم الصاد وكسرها، والضَّمُّ أفصحُ وأشهرُ -هو النُّحاس، وسمِّي النُّحاسُ شَبَهًا -بفتح الشِّين والباء، وبكسر الشِّين وإسكان الباء -سُمِّي به لكونه يشبه لون الذَّهب.
وقوله في الرِّواية الأولى: "فَدَعا بِتَوْرٍ مِنْ ماءٍ"؛ أي: من إناء من ماء، على حذف المضاف، وهو نوع من المجاز، واستعمل الحقيقة في الرِّواية، الرواية الثَّانية في قوله: في تورٍ من صُفْر.
وتقدَّم الكلام على المضمضة والاستنشاق والاستنثار.
قوله: "ثم أَدْخَلَ يَدَهُ"؛ يعني: "في التَّوْرِ"، فأقبل بهما وأدبرَ مرَّة واحدة،