لو نظرْتَ إلى ابنِ عمرَ إذا اتَّبع أثرَ رسولِ الله ﷺ، قلتَ: إنه مجنون (١)، ولم يمتْ حتى أعتقَ ألفَ إنسانٍ وزيادة، وربما تصدَّق في المجلسِ الواحد بثلاثين ألفًا، وبعثَ إليه معاويةُ بمئةِ ألف، فلم يحلْ حول وعنده شيءٌ منها، وكان إذا تلا: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الحديد: ١٦]، يبكي حتى يغلبه، وإذا تلا: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤]، يبكي ويقول: إن هذا الإحصاءَ لشديدٌ.
مات ﵁ بمكةَ سنةَ ثلاثٍ، وقيل: أربع وسبعين، بعد موت ابن الزُّبير بثلاثة أشهر من جرح أصاب رجله، ابنَ أربعٍ، وقيل: سِتٍّ، وقيل: سبع وثمانين سنةً، وكان مولدُه قبل الوحي بسنةٍ، ودفن بالمحصَّب، وقيل: بسَرِف، وقيل: بفَجٍّ، وكلُّها مواضعُ بقرب مكَّة بعضُها أقربُ إلى مكة من بعض (٢).
وأمَّا ألفاظه:
فقوله: "رَقِيْتُ" -هو بكسر القاف، ولغة طَيِّئٍ بفتحها-، وحكى صاحب "المطالع" الفتحَ مع الهمز (٣)، وسُمِّيت الكعبةُ كعبةً؛ لاستدارتها؛ من التَّكَعُّب، وهو الاستدارة.
واختلف العلماء في كيفية العمل بهذا الحديث: