- تدوين مذهب أبي حنيفة:
حدّث الإمام الطَّحاوي بسنده إلى أسد بن الفرات أنه قال: "كان أصحاب أبي حنيفة الذين دوّنوا الكتب أربعين رجلًا، فكان في العشرة المتقدمين: أبو يوسف، وزفر بن الهذيل، وداود الطائي، وأسد بن عمرو، ويوسف بن خالد السمتي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة" (^١).
وعن المغيرة بن حمزة: "كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا معه الكتب: أربعين رجلًا كبراء الكبراء" (^٢).
وقال الموفق المكي (^٣): "وضع أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - مذهبه شورى بينهم، لم يستبد فيه بنفسه دونهم، اجتهادًا منه في الدين، ومبالغةً في النصيحة لله ورسوله والمؤمنين، فكان يلقي مسألة مسألة، يقلّبهم ويسمع ما عندهم ويقول ما عنده، ويناظرهم شهرًا أو أكثر من ذلك حتى يستقرّ أحد الأقوال فيها، ثم يثبتها القاضي أبو يوسف في الأصول" (^٤).
وقال أسد بن عمرو: "كانوا يختلفون عند أبي حنيفة في جواب المسألة، فيأتي هذا بجواب وهذا بجواب، ثم يرفعونها إليه ويسألونه عنها، فيأتي الجواب من كثب - أي من قرب -، وكانوا يقيمون في المسألة ثلاثة أيام ثم يكتبونها في الديوان" (^٥).
وقال يحيى بن معين، عن الفضل بن دكين، سمعت زفر يقول: "كنا نختلف إلى أبي حنيفة ومعنا أبو يوسف ومحمد بن الحسن، فكنا نكتب عنه، قال زفر: فقال يومًا أبو حنيفة لأبي يوسف: ويحك يا يعقوب لا تكتب كل ما تسمع مني فإني قد