Краткое руководство по обрядам паломничества шейха аль-Ислама Ибн Таймии
مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية
Номер издания
الثالثة
Год публикации
١٤٢٤هـ
Жанры
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد:-
فسبق وأن وفقني الله لتحقيق منسك شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ وطبع أكثر من مرة، إلا أنى رأيت أن اختصره وذلك إتباعًا لمنهج السلف ﵏ في تعاملهم مع الكتب المفيدة، وحرصًا منى على إتمام الفائدة، ومراعاةً لظروف أهل العصر ورغبتهم في كل ما هو مفيد مختصر. فكان عملي في المختصر كالآتي: ـ
١ _إعادة ترتيب مسائل الكتاب لتكون متسلسلة وفق مناسك الحج الفعلية.
٢ - جمع المسائل ذات العلاقة المشتركة ببعضها.
٣ـ التخلص مما تكرر ما لم يؤثر على المعنى وإضافة ما يوضحه إذا لزم الأمر.
٤ـ إعادة صياغة بعض الجمل لتكون بعبارة أقل.
٥ـ مع الالتزام بكل معنى أشار إليه المؤلف ﵀. له علاقة بالنسك. وفي الختام ندعو الله بدعاء الرسول ﷺ الذي علمه لأصحابه: (اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم) رواه أحمد (٤/٤٠٢) وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. . الرياض ص/ ب ١٨١٢٦ حسين بن محمد آل الشيخ
1 / 1
الفصل الأول /في التعريف بالحج وحكمه والإستطاعة اليه (١)
أولا التعريف: لغة/.. قرئ الحَجُ والحِجُ بفتح الحاء، وكسرها. وهو قصد الشئ، وإتيانه، ومنه سُمي الطريق محجة لأنه موضع الذهاب والمجئ، ويسمى ما يقصده الخصم حجة لأنه يأتمه، وينتحيه، ومنه في الاشتقاق الأكبر الحاجة، وهو ما يقصد، ويطلب للمنفعة به. ومنه قول النبي- ﷺ: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) [رواه أحمد والبخاري] ..ويقول بعض أهل اللغة:الحج القصد أو كثرة القصد إلى من يعظمه.
وشرعًا:..ثم غلب في الاستعمال الشرعي،والعرفي على حج بيت الله ﷾ وإتيانه،فلا يفهم عند الإطلاق إلا هذا النوع الخاص من القصد لأنه هو المشروع الموجود كثيرًا وذلك كقوله تعالى: ﴿وَأَذّن في النَّاسِ بِالحَجِّ﴾ [الحج/٢٧] وقوله تعالى ﴿وَأَتِمُّواْ الحَجَّ وَالعُمرَةَ لله..إلى قوله تعالى..فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمرةِ إلى الحَجِّ فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهَدىِ﴾ [البقرة/ ١٩٦] وقد بين المحجوج إليه فيقوله تعالى: ﴿ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ﴾ [آل عمران/٩٧] وقوله تعالى: ﴿فَمَن حَجَّ البَيتَ أَوِ اعتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة/١٥٨] ثم أن حج البيت له صفة معلومة في الشرع من الوقوف بعرفة والطواف بالبيت وما يتبع ذلك فان ذلك كله من تمام قصد البيت فإذا أطلق الاسم في الشرع انصرف إلى الأفعال المشروعة إما في الحج الأكبر أو الأصغر أي العمرة.
ثانياحكم الحج والعمرة:
١ـ حكم الحج واجب في الجملة،وهو أحد مباني الإسلام الخمس وهو من العلم المستفيض.
_________
(١) - انظر شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لشيخ الإسلام ابن تيمية تحقيق الدكتور صالح بن محمد الحسن [١/٧٣-١٧٩] باختصار.
1 / 2
والأصل فيه قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا﴾ وقد أتْبَعَهُ بقوله تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ آل عمران /٩٧] فيبين أن من لم يعتقد وجوبه فهو كافر. وأنه إنما وضع البيت وأوجب حجه ليشهدوا منافع لهم لا لحاجة إلى الحجاج لأن الله غنى عن العالمين..
وأما السنة: فقد قال:رسول الله ﷺ: (بنى الإسلام على خمس، شهادة الااله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) متفق عليه، والآيات والأحاديث الصحيحة في إثبات ذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون في الجملة على أن الحج فرض لازم. . ٢.ـحكم العمرة..العمرة واجبة العمرة فريضة قاله أحمد في مواضع، وهو قول ابن عباس وابن عمر وجابر ﵃،وذكر عنه رواية أخرى أنها سنة لأن الله ﷾ قال: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران/٩٧] ولم يذكر العمرة، وعن جابر- ﵁ قال: أتى النبي ﷺ أعرابي فقال: أخبرنىعن العمرة أواجبة هي؟ فقال رسول الله- ﷺ:لا وأن تعتمر خير لك) [(١)] رواه أحمد، والترمذي وقال:حديث حسن صحيح.. [(٢)] .
٣ - والحج والعمرة:يجبان مرة في العمر بإيجاب الشرع فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر، ويجب القضاء لما لم يتمه ... ويجب إتمامه بعد الشروع ... لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الحَجَّ وَالعُمرَةَ لله ...﴾ [البقرة/٩٦]
_________
(١) - رجح الحافظ ابن حجر وقفه على جابر انظر بلوغ المرام حديث رقم (٧٢٨) .
(٢) - قال شيخ الإسلام ﵀ بالقولين أنظر مجموع الفتاوى [٢٦/٥-٩،١٩٧] وشرح العمدة [١/٨٨-١٠٤] ولقد قال بسنيتها الأحناف والمالكية وبوجوبها الشافعية وكذا المشهور من قولي الحنابلة وهو الراجح والله اعلم.
1 / 3
٤- ولا يجب الوجوب المقتضى للفعل وصحته إلا على مسلم لقوله الله سبحانه: ﴿إِنَّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقرَبُواْ المَسجِدَ الحَرَامَ بَعدَ عَامِهِم هَذَا﴾ [التوبة/٣٨]
٥-ولا حج على مجنون إلا أن يفيق ... ولا على صبي حتى يبلغ لقوله ﷺ: (رُفع القلم عن المجنون حتى يفيق..والصبي حتى يحلم) رواه أحمد [١/١١٨] ورواه البخاري موقوفًا ... ولا يجب إلا على حر كامل الحرية..
ثالثًا: الاستطاعة:
١-أما الاستطاعة فهي شرط في الوجوب: وليست شرطًا في الإجزاء ... والحج إنما يجب على من استطاع إليه سبيلا بنص القرآن والسنة وإجماع المسلمين وهو معنى قوله تعالى: ﴿مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا﴾ .
٢- واستطاعة السبيل عن الإمام أحمد وأصحابه: ملك الزاد والراحلة فمناط الوجوب: وجود المال، فمن وجد المال وجب عليه الحج بنفسه أو بنائبه ... وأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دينه، ومؤنة نفسه وعياله على الدوام ...
٣- فان حج راجلًا تجزئه من حجة الإسلام ويكون قد تطوع بنفسه... (ورُويَ) أحاديث مسندة من طرق حسان ومرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب. وجود الزاد والراحلة مع علم النبي ﷺ -بأن كثيرًا من الناس يقدرون على المشي..ودليل الأصل قوله تعالى: ﴿وَلاَ عَلَى الذينَ إِذَا ما أَتَوكَ لِتَحمِلَهُم﴾ [التوبة/ ٩١،٩٢] وأيضا فان المشي في المسافة البعيدة مظنة المشقة العظيمة. وتعتبر الراحلة في حق من بينه وبين مكة مسافة القصر عند أصحابنا. فأما القريب والمكي ونحوهما ممن يقدرون على المشي فيلزمه ذلك كما يلزمه المشي إلى الجمعة والعيد.
٤- وإن كان العاجز عن الحج يرجو القدرة عليه كالمريض والمحبوس ... لم تجز له الاستتابة في فرض كما ذكره أحمد لان النبي ﷺ إنما أذن للشيخ الكبير الذي لا يستمسك على الراحلة ... وأما الذي يُرجى أن يقدر على الحج ليس فيمعناه.
1 / 4
٥- أما المرأة:فلا يجب عليها أن تسافر للحج ولا يجوز لها ذلك إلا مع زوج أو ذي محرم لقول رسول الله ﷺ: (لا تسافر المرأة ثلاثا، إلا معها ذو محرم) متفق عليه..وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجوز لها السفر إلا على وجه يؤمن فيه البلاء..والله أعلم.
1 / 5
الفصل الثاني/في الدخول في النسك والمواقيت:
١ـ الدخول في المنسك: أول مناسك الحج والعمرة للدخول فيهما هو: الإحرام بذلك من الميقات.وقبل ذلك فهو بمنزلة الذي يخرج إلى صلاة الجمعة فله أجر السعي ولا يدخل فيها حتى يحرم بها.
٢ـوالمواقيت خمسة: مهل أهل المدينة ذو الحليفة ومهل أهل الشام الجحفة ومهل أهل اليمن يلملم ومهل أهل نجد قرن المنازل ومهل أهل العراق ذات عرق. ولما وقت النبي- ﷺ المواقيت قال:) هن لأهلهن ولمن مر عليهن من غير أهلهن لمن يريد الحج والعمرة ومن كان منزله دونهن فَمَهِلُه من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة) متفق عليه. فذو الحليفة: أبعد المواقيت، بينها وبين مكة عشرة مراحل تقريبا-بحسب الطرق - وتسمى وادي العقيق، ومسجدها مسجد الشجرة،وفيها بئر يسميها الجهال بئر علىِ لظنهم أن عليًا ﵁ قاتل الجن بها!! وهو كذب،ولا فضيلة لهذا البئر ولا مذمة. . وأما الجحفة: فبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل وهى قرية كانت معمورة، تسمى مهيعة وهى اليوم خراب والناس يحرمون قبلها من رابغ. وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب كأهل الشام ومصر وسائر المغرب ولكن إذا اجتازوا بالمدينة النبوية -كما يفعلون الآن - أحرموا من ميقات أهل المدينة وهو المستحب لهم بالاتفاق،فإن أخروا الإحرام إلى الجحفة ففيه نزاع [(١)] .
وأما المواقيت الثلاثة:فبين كل واحد منها وبين مكة نحو مرحلتين وليس لأحد أن يتجاوز الميقات إذا أراد الحج أو العمرة إلا بإحرام. وإن قصد مكة للتجارة أو الزيارة فينبغي له أن يحرم وفي الوجوب نزاع. [(٢)]
_________
(١) - قال ابن تيمية في شرح العمدة [١/٣١٨]:ومن مر على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة قال أحمد: إذا مر رجل من أهل الشام بالمدينة، وأراد الحج فإنه يهل من ذي الحليفة،وعن النبي ﷺ (هن لأهلهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) .فجعل الميقات لكل من مر به
(٢) -قال في المغنى (.وقال بعضهم: لا يجب الإحرام عليه وعن أحمد ما يدل على ذلك وقد روى عن ابن عمر أنه دخلها بغير إحرام.ولأن الوجوب من الشرع ولم يرد من الشارع إيجاب ذلك عل كل داخل فبقى على الأصل) ٥/٧٢
1 / 6
الفصل الثالث/ في أنواع الحج (النسك) وأفضلها:
١ـ أنواع المناسك:ومن وافي الميقات في أشهر الحج فهو مخير بين ثلاثة أنواع، التمتع،والقران،والإفراد، /فإن أهل بعمرة فإذا حل منها أهل بالحج، فهذا التمتع، /وإن أحرم بهما جميعًا،أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج قبل الطواف فهو القران،/وإن أحرم بالحج مفردًا، فهو الإفراد.
٢ـ والأفضل: يتنوع باختلاف حال الحاج، فإن سافر سفرة للعمرة وللحج أخرى أو اعتمر قبل أشهر الحج وأقام بمكة حتى يحج فهذا الإفراد له أفضل باتفاق ألأئمة الأربعة. وأما إذا جمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة،في أشهر الحج: وهن شوال،وذو القعدة وعشر من ذي الحجة فهذا إن ساق الهدى فالقران أفضل له، وإن لم يسق الهدى فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل،فقد ثبت أن النبي ﷺ لما حج هو وأصحابه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدى فإنه يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدى محله يوم النحر، وكان النبي ﷺ قد ساق الهدى هو وطائفة من أصحابه وقرن هو بين العمرة والحج فقال: (لبيك عمرة وحجًا) رواه مسلم. ولم يُنقل عن أحد من الصحابة أنه تمتع تمتعًا حل فيه، بل كانوا يسمون القِران تمتعًا، وعامة المنقول عن الصحابة في صفة حجته ليست بمختلفة، وإنما اشتبهت على من لم يعرف مرادهم، وجميع الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج كعائشة وابن عمر وجابر قالوا أنه تمتع بالعمرة إلى الحج، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة وابن عمر بإسناد أصح من إسناد الإفراد، ومرادهم بالتمتع القران كما ثبت ذلك في الصحاح أيضًا. والإحرام بالحج قبل أشهره مكروه وإذا فعله فهل يصير محرمًا بعمرة أو بحج؟ فيه نزاع. [(١)]
_________
(١) - روى البخاري) معلقًا) عن ابن عباس ﵄ قال:) من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في اشهر الحج) في كتاب الحج باب قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) وعند الجمهور:يكره الإحرام بالحج قبل اشهر الحج مع صحة انعقاده أما الشافعية فلا ينعقد الإحرام بالحج في غير اشهره وينعقد عمرة مجزية على الأصح عندهم.
1 / 7
الفصل الرابع/ في العمرة:
١ـإعتماره- ﷺ -:وفي الصحيحين إعتمر النبي- ﷺ بعد هجرته أربع عمر:
عمرة الحديبية: صده المشركون عن البيت فصالحهم وحل من إحرامه وانصرف وعمرة القضية:اعتمر من العام القابل.
وعمرة الجعرانة:بعد قتاله ﷺ المشركين بحنين -شرق الطائف-رجع وقسم الغنائم بالجعرانة واعتمر منها داخلا إلى مكة لا خارجًا منها للإحرام.
والرابعة:مع حجته ﷺ،قرن بين العمرة والحج باتفاق الصحابة على ذلك.
1 / 8
٢ـ الإعتمار من التنعيم أو العمرة المكية:
لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي ﷺ إلا عائشة ﵁ لأنها حاضت فلم يمكنها الطواف فشكت للنبي ﷺ فقال لها:) افعلي كما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري) البخاري/ ١٦٥٠) ومسلم /١٢١١/١١٩) فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة لأنها كانت متمتعة، ثم طلبت منه ﷺ أن يعمرها، فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم، وهو أقرب الحِل إلى مكة.وبه مساجد عائشة، وليس دخولها ولا الصلاة فيها لمن اجتاز بها مَحرّمًا ولا فرضا ًولا سنة بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة، لكن من خرج من مكة ليعتمر ودخل واحدًا منها وصلى فيها للإحرام فلا بأس بذلك. ومن الأعمال الصالحة الإكثار من الطواف بالبيت، وهو أفضل من أن يخرج الرجل ويأتي بعمرة مكية.ولم يكن على عهد النبي ﷺ وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر لا في رمضان ولا في غيره، والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، إلا أن يكون شيئًا نادرًا. بل كرهه السلف وتنازعوا: هل يكون متمتعًا عليه دم أم لا؟ وهل تجزءه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟ [(١)] .
_________
(١) - أنظر مجموع الفتاوى ٢٦/٤١-٤٣.
1 / 9
الفصل الخامس/ في نية الإحرام وكيفية التلبية
١ـ نية الإحرام: إن كان قارنًا قال: لبيك عمرة وحجًا،أو متمتعًا قال:لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج،أو مفردًا قال لبيك حجة، ومهما قال من نحو ذلك أجزأه باتفاق الأئمة،ليس في ذلك عبارة مخصوصة،كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة، فإن النبي- ﷺ لم يُشرع للمسلمين شيئًا من ذلك. [(١)] ولا كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية ولا أصحابه.
٢ـ التلبية: فإذا أحرم لبى بتلبية رسول الله ﷺ (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك) متفق عليه.وإن زاد على ذلك) لبيك ذا المعا رج) رواه أبو داود أو) لبيك وسعديك) ونحوه جاز وكان الصحابة يزيدون ورسول الله ﷺ يسمعهم فلم ينههم وكان هو يداوم على تلبيته من حين يحرم.
والإهلال:هو التلبية،والتلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم ﷺ والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره كما ينقاد الذي لُبِّبَ وأُخِذَ بلبته والمعنى: إنا مجيبوك لدعوتك مستسلمون لحكمتك مطيعون لأمرك مرة بعد مرة لا نزال على ذلك.والتلبية:شعار الحج) فأفضل الحج/ العج والثج) [(٢)] فالعج:رفع الصوت بالتلبية والثج:إراقة دماء الهدى.ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجال بحيث لا يجهد نفسه والمرأة بحيث تسمع رفيقتها.
_________
(١) -لقول رسول الله- ﷺ لأصحابه:) من أراد منكم أن يُهلّ بحج وعمرة فليُهلّ ومن أراد أن يُهلّ بحج فليُهلّ ومن أراد أن يُهلّ بعمرة فليُهلّ) رواه مسلم في الحج باب وجوه الإحرام ١٢١١/١١٤
(٢) - رواه ابن ماجه (٢٩٢٤) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أبو يعلى وفيه رجل ضعيف) ٣/٢٢٤) وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير) ١١١٢) .
1 / 10
ويستحب:الإكثار من التلبية عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات وإذا صعد نشزًا أوهبط واديًا أو سمع ملبيًا أو أقبل الليل والنهار أو التقت الرفاق أو فعل ما نُهى عنه، وإن دعا عقيب التلبية وصلى على النبي- ﷺ وسأل الله رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن. فهذا هو الذي شرع النبي ﷺ للمسلمين التكلم به في ابتداء الحج والعمرة. ولو أهل ولبى كما يفعل الناس قاصدًا للنسك ولم يسم شيئًا بلفظه ولا قصد بقلبه لا تمتعًا ولا إفرادًا ولا قرانًا صح حجه أيضًا، وفعل واحدًا من الثلاثة وهو تأويل قوله تعالى ﴿الحَجُ أَشهُرُ مَّعلُومَاتُ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلا َجِدِالَ في الحَجِ﴾ [البقرة /١٩٧] فإن فعل ما أمر به النبي- ﷺ أصحابه كان حسنًا. ولا يكون الرجل محرمًا بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته، بل لابد من قول أو عمل يصير به محرمًا، وهذا هو الصحيح من القولين.
٣ـ الاشتراط خوفا من العارض: وإن اشترط على ربه خوفًا من العارض، كان حسنًا، فان النبي- ﷺ أمر ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن تشترط لما كانت شاكية فخاف أن يصدها المرض عن البيت قال: (قولي لبيك اللهم لبيك ومحلى من الأرض حيث تحبسني) رواه الجماعة وعند النسائي (..فإن لك على ربك ما استثنيت) ولم يكن يأمر بذلك كل من حج.
٤ـ الرفث والفسوق والجدال في الحج: وثبت أنه- ﷺ قال:) من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمُه) رواه البخاري /١٨١٩ وفي مسلم (من أتى هذا البيت..) الحديث/١٣٥٠
1 / 11
/فالرفث: اسم للجماع قولا وعملا، وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا الرفث، /والفسوق: اسم للمعاصي كلها../والجدال: هو المِراء في أمر الحج، فان الله قد أوضحه وبينه وقطع المِراء فيه كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه. وفُسر بأن لا يُمارى الحاج أحدًا،والتفسير الأول أصح فإن الله لم ينه المحرم ولا غيره عن الجدال مطلقًا. بل الجدال قد يكون واجبًا أو مستحبًا كما قال تعالى: ﴿وجَادِلهُم بِالَّتِي هِي أَحسَنُ﴾ [النحل /١٢٥] .وقد يكون الجدال مُحَرَّمًا في الحج وغيره كالجدال بغير علم وكالجدال في الحق بعد ما تبين. وينبغي للمحرم أن لا يتكلم إلا بما يعنيه، وكان شريح إذا أحرم كأنه حية صماء.
الفصل السادس/في مستحبات الإحرام:
١ـ المستحب:أن يحرم عقيب صلاة فرض،أو تطوع إن كان وقت تطوع في أحد القولين، وفي الأخر إن كان يصلى فرضًا أحرم عقيبه وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه وهذا أرجح. ويستحب أن يغتسل للإحرام ولو كانت نفسا أو حائضًا [(١)] وإن احتاج إلى التنظيف كتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة، فعل ذلك، وهذا ليس من خصائص الإحرام، لكنه مشروع بحسب الحاجة.
٢ـ لباس الحاج: والتجرد من اللباس واجب في الإحرام وليس شرطًا فيه، فلو أحرم وعليه ثياب صح ذلك بسنة رسول الله ﷺ وباتفاق الأئمة، وعليه أن ينزع اللباس المحظور.ويستحب أن يحرم في ثوبين نظيفين، والأبيضين أفضل ويجوز فيغيره من الألوان الجائزة، ويجوز أن يحرم في جميع أجناس الثياب المباحة: من القطن والكتان والصوف.
_________
(١) -لأمره ﷺ أسماء بنت عميس حين نفست أن تغتسل. وتهل رواه مسلم في الحج باب إحرام النفساء برقم (١٢١٠) .
1 / 12
والسنة أن يحرم في إزار ورداء سواء كانا مخيطين، أو غير مخيطين باتفاق الأئمة، ولو أحرم في غيريهما جاز إذا كان مما يجوز لبسه.والأفضل أن يحرم في نعلين إن تيسر، فان لم يجد، لبس خفين وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين فان النبي- ﷺ أمر بالقطع [(١)] أولًا ثم رخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين.وكذلك إذا لم يجد إزارًا فانه يلبس السراويل ولا يفتقه وهذا أصح قولي العلماء، لأن النبي ﷺ رخص في البدل في عرفات [(٢)] .وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق الأئمة عرضًا ويلبسه مقلوبًا يجعل أسفله أعلاه ويتغطى باللحاف وغيره.ولكن لا يغطى رأسه إلا لحاجة والنبي- ﷺ (نهى المحرم أن يلبس القميص والبر نس والسراويل والخف والعمامة) أأخرجه/ البخاري ١٢٦٥ ومسلم /١٢٠٦وفي الصحيحين (نهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت) (وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه) .فما كان من هذا الجنس فهو في معنى ما نهى عنه النبي- ﷺ فما كان في معنى القميص أوفي معنى الخف كالجورب ونحوه، أوفي معنى السراويل كالتبان ونحوه، فهو مثله. وكذلك لا يلبس الجبة ولا القباء الذي يدخل يديه فيه ولا الدرع [(٣)] وأمثال ذلك باتفاق
_________
(١) -لقوله- ﷺ) لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوبًا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين) رواه الجماعة.
(٢) -لما رواه ابن عباس ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ يخطب بعرفات) من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين) رواه البخاري في اللباس باب السراويل (ح/٥٨٠٤) ومسلم في الحج باب ما يباح للمحرم (١١٧٨/٤)
(٣) - القميص الذي يلبس ليمتص العرق فيكون فوق الركبة.
1 / 13
الأئمة.وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه ففيه نزاع وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط.والمخيط ما كان من اللباس على قدر العضو.
٣ـ عقد مايحتاج إلى عقده: وله أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإزار وهميان النفقة. والرداء لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده فان احتاج إلى عقد ففيه نزاع.والأشبه جوازه،وليس على تحريمه دليل إلا ما نقل عن ابن عمر- ﵁ أنه كره عقد الرداء وقد اختلف المتبعون له بين الكراهة والتحريم.
٤ـ والاستظلال: تحت السقف والشجر وفي الخيمة ونحو ذلك جائز باتفاقهم وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس في حال السير فهذا فيه نزاع والأفضل للمحرم أن يُضْحِى لمن أحرم له كما كان النبي ﷺ وأصحابه يحجون وقد رأى ابن عمر رجلا ظلل عليه فقال: أيها المحرم أضح لمن أحرمت] (١) [.وهذا فيحق الرجل.
٥ـ إحرام المرأة: وأما المرأة فإنها عورة فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تسترها وتستظل بالمحمل، لكن نهاها النبي ﷺ (أن تنتقب أو تلبس القفازين كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف) رواه البخاري [١٨٣٨] مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة. والبرقع أقوى من النقاب فلهذا ينهى عنه باتفاقهم.ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق، وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضًا، فان النبي- ﷺ سوى بين وجهها ويديها وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه.وأزواجه ﷺ كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة ولم ينقل عن النبي- ﷺ أنه قال إحرام المرأة فيوجهها وإنما هذا قول بعض السلف.
_________
(١) -رواه الإمام أحمد والبيهقي في سننه٥/٧٠ (قوله أضح لمن أحرمت له) أي ليبرز للشمس ولا يستظل قربة لله.
1 / 14
الفصل السابع / في محظورات الاحرام:
١ـ المحضورات:.ومما ينهى عنه المحرم أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه أو يتعمد شم الطيب، بعد الإحرام وإن شاء قبل الإحرام أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر بذلك، فان النبي ﷺ فعله ولم يأمر به الناس.وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه إذا لم يكن فيه طيب ففيه نزاع مشهور وتركه أولى. ولا يقلم أظفاره ولا يقطع شعره وله أن يحك بدنه إذا حكه ويحتجم وإن احتاج أن يحلق شعرًا لذلك جاز ففي الصحيحين (أن النبي- ﷺ إحتجم في وسط رأسه وهو محرم) رواه البخاريبرقم١٨٣٦ ومسلم ١٢٠٣] ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر وإذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره. ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك،ويغتسل من الجنابة باالإتفاق ولغير الجنابة. ولا ينكح المحرم ولا يُنْكِح ولا يخطب.ولا يصطاد صيدًا بريًا ولا يتملكه بشراء ولا إيهاب ولا غير ذلك ولا يعين على صيد ولا يذبح صيدًا. فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله. وأن يقطع الشجر في الحل، لكن الحرم لا يقطع شيئًا من شجره وإن كان غير محرم ولا من نباته المباح إلا الاذخر وأما ما غرسه الناس أو زرعوه فهولهم،وما يبس من النبات يجوز أخذه ولا يصطاد به صيدًا وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه.
1 / 15
٢ـ قتل ما يؤذي: وللمحرم قتل ما يؤذى بعادته الناس) كالحية والعقرب والفأرة والغراب،والكلب العقور) [رواه البخاري ١٨٢٨ومسلم ١١٩٨] وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، ولو لم يندفع إلا بالقتال قاتله لقول النبي- ﷺ:) من قُتلَ دون ماله فهو شهيد ومن قُتلَ دون دمه فهو شهيد ومن قُتلَ دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) [(١)] وإذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه وله قتلها ولا شيء عليه،وإلقاؤها أهون.وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله وإن كان في نفسه مُحَرمًَا أكله كالأسد والفهد فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء وأما التفلي بدون التأذي فهو من الترفة فلا يفعله ولو فعله فلا شيء عليه.
_________
(١) - لفظ (من قُتلَ دون ماله فهو شهيد) في الصحيحين رواه البخاري برقم [٢٤٨٠] ومسلم [١٤١] وروى الحديث بتمامه الترمذي برقم ١٤٢١ وقال: هذا حديث حسن صحيح ورواه باقي الجماعة.
1 / 16
٣ـ الوطء ومقدماته: يحرم على المحرم القبلة ولمس بيد أو نظر بشهوة فإن جامع فسد حجه. وفي الإنزال بغير الجماع نزاع ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا الرفث فإن قبل أو أمذى لشهوة فعليه دم. .. ٤ـ فدية المحظورات: وليس للمحرم أن يلبس شيئًا مما نهى النبي ﷺ عنه إلا لحاجة، مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه إذا لم يغط رأسه،فيلبس قدر الحاجة فإذا استغنى عنه نزع.وعليه أن يفتدى إما بصيام ثلاثة أيام وإما بنسك شاة أو بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو شعير أو مد من بر وإن أطعمه خبزًا جاز، وينبغي أن يكون مأدوما. ً وإن أطعمه مما يأكل جاز وهو أفضل من أن يعطيه قمحًا أو شعيرًا، وكذلك في سائر الكفارات.وذلك لقوله تعالى: ﴿إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِن أَوسَطِ مَا تُطعِمُونَ أَهلِيكُم أَو كِسوَتُهُم..﴾ [المائدة/ ٨٩] فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم.لكن هل ذلك مقدر بالشرع أم بالعرف؟ والراجح أنه يرجع فيه إلى العرف فيطعم كل قوم مما يطعمون أهليهم'ولما كان كعب بن عجرة ونحوه يقتاتون التمر أمره النبي- ﷺ أن يطعم فرقًا من التمر بين ستة مساكين [البخاري١٨١٤ ومسلم١٢٠١]
٥ـ وقت إخراج الفدية: والفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله أو بعده ويجوز أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة ويصوم الأيام الثلاثة متتابعة إن شاء أو متفرقة فإن كان له عذر أخّر فعلها وإلا عجل فعلها. وإذا لبس ثم لبس مرارا ولم يكن أدى الفدية أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء.
1 / 17
الفصل الثامن/ في دخول مكة والمسجد الحرام وأحكام الطواف والسعي:
١ـ دخول مكة والمسجد: إذا أتى مكة جاز أن يدخلها والمسجد من جميع الجوانب والأفضل أن يأتي من وجه الكعبة إقتداء بالنبي- ﷺ فقد دخل من الناحية العليا التي فيها باب المعلاة. ودخل مكة من الثنية العليا ثنية كداء - بالفتح والمد - المشرفة على المقبرة (الحجون) .ودخل المسجد من باب بنى شيبة (كان مقابلا لباب الكعبة محاذيا للمقام) ثم ذهب إلى الحجر الأسود. وفي الصحيحين كان- ﷺ (يغتسل لدخول مكة ويبيت بذي طوى) (البخاري١٥٧٣ ومسلم ١٢٥٩) وهو عند آبار الزاهر فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهارًا وإلا فليس عليه شيء من ذلك..وروي أن النبي- ﷺ كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال:) اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيما وتكريمًا ومهابة وبرًا وزد من شرَّفَه وكرمه ممن حجه أو إعتمره تشريفًا وتعظيما) [(١)] فمن رأى البيت فعل ذلك..
_________
(١) - أخرجه الشافعي في مسنده ١/٣٣٩ ومن طريقه خرجه البيهقى ٥/٧٣ عن ابن جُريج وقال عنه ابن القيم: إنه مرسل [زاد الميعاد] ٥/٢٢٤.
1 / 18
٢ـالطواف: والنبي- ﷺ ابتدأ بالطواف ففي الصحيحين (أن أول شئ بدأبه..توضأ ثم طاف..) ولم يُصل قبله بل الطواف بالبيت هو تحية المسجد الحرام.يبتدىء من الحجر الأسود يستقبله استقبالا ويقبله إن أمكن ويقول (بسم الله والله أكبر) [(١)] .وإن شاء قال (اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاء بعهدك وإتباعًا لسنة نبيك محمد ﷺ) [(٢)] ولا يؤذى أحدًا بالمزاحمة عليه فان لم يمكن استلمه بيده وقبلها،وإلا أشار إليه ثم ينتقل للطواف ويجعل البيت عن يساره. وليس عليه أن يذهب إلى مابين الركنين ولا يمشى عرضًا، فيطوف سبعًا. ولا يخترق الحِجْر في طوافه لما كان أكثر الحجر من البيت والله أمر بالطواف به لا بالطواف فيه. ويجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم وما وراءها من السقائف (المصابيح) المتصلة بحيطان المسجد.ولا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين فان النبي ﷺ إنما استلمها خاصة لأنهما على قواعد إبراهيم والآخران هما في داخل البيت. فالركن الأسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم ولا يقبل والآخران لا يستلمان ولا يقبلان والاستلام هو مسحه باليد. وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا ﷺ ومغارة إبراهيم ومقام نبينا ﷺ الذي كان يصلي فيه فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة. والطواف بذلك من أعظم البدع المحرمة ومن اتخذه دينًا يستتاب فان تاب وإلا قتل.ولو وضع يده على الشاذروان الذي يُربَط فيه أستار الكعبة لم يضره في أصح قولي العلماء وليس الشاذروان من البيت بل جُعِلَ عمادًا للبيت.
_________
(١) - قال في نيل الأوطار: سنده صحيح [٥/٤٧] .
(٢) -أخرجه الشافعي في كتابه الأم عن ابن جريج٢/١٧٠باب ما يقال عند استلام الركن
1 / 19
٣ـ الرمل والاضطباع:ويستحب له في الطواف الأول (القدوم) أن يرمل من الحجَر إلى الحجَر في الأشواط الثلاثة ففي الصحيحين أمر النبي- ﷺ (أن يرملوا الأشواط الثلاثة..) . والرمل مثل الهرولة وهو مسارعة المشي مع تقارب الخُطا فإن لم يمكن الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف والرمل أفضل من قربه إلى البيت بدون الرمل وأما إذا أمكن القرب من البيت مع إكمال السُنة فهو أولى.
وكذلك يستحب أن (يضطبع) [(١)] في هذا الطواف.والاضطباع: هو أن يبدى ضبعه الأيمن فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر وإن ترك الرمل والاضطباع فلا شيء عليه.
_________
(١) -لحديث ابن عباس ﵄ (أن رسول الله ﷺ اضطبع فاستلم وكبر ثم رمل) الحديث رواه أبو د واد /المناسك باب في الرمل رقم (١٨٨٩) وحديث يعلى بن أمية ﵁ (أن النبي ﷺ طاف مضطبعا وعليه برد) رواه الترمذي برقم (٨٥٩) وقال: وهو حديث حسن صحيح
1 / 20