Коллекция писем о вуалировании и снятии вуали
مجموعة رسائل في الحجاب والسفور
Издатель
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Место издания
المملكة العربية السعودية ١٤٢٣ هـ
Жанры
[حجاب المرأة ولباسها في الصلاة]
[محتويات الكتاب]
[اللباس في الصلاة مجموعة رسائل في الحجاب والسفور]
هذا الكتاب يحتوي على مجموعة رسائل: - حجاب المرأة ولباسها في الصلاة
تأليف / شيخ الإسلام ابن تيمية "﵀"
- حكم السفور والحجاب
لسماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز
- حكم مصافحة المرأة المسلمة للرجال الأجانب
الدكتور / محمد تقي الدين الهلالي الحسيني
- رسالة الحجاب
تأليف / فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
1 / 3
حجاب المرأة
ولباسها في الصلاة تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
اللباس في الصلاة وهو أخذ الزينة عند كل مسجد، الذي يسميه الفقهاء: " باب ستر العورة في الصلاة " فإن طائفة من الفقهاء ظنوا أن الذي يستر في الصلاة هو الذي يستر عن أعين الناظرين وهو العورة، وأخذوا ما يستر في الصلاة من قوله: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] ثم قال: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور: ٣١] يعنى الباطنة ﴿إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] (١) الآية، فقالوا: يجوز لها في الصلاة أن تبدي الزينة الظاهرة دون الباطنة.
والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين:
١ - فقال ابن مسعود ومن وافقه: هي الثياب.
٢ - وقال ابن عباس ومن وافقه: هو ما في الوجه
_________
(١) سورة النور آية: ٣١.
1 / 5
واليدين، مثل الكحل والخاتم. وعلى هذين القولين تنازع الفقهاء في النظر إلى المرأة الأجنبية.
فقيل: يجوز النظر لغير شهوة إلى وجهها ويديها، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وقول في مذهب أحمد.
وقيل لا يجوز، وهو ظاهر مذهب أحمد. قال: كل شيء منها عورة حتى ظفرها، وهو قول مالك.
وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة.
وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج، وذوي المحارم.
وأما الباطنة، فلا تبديها إلا للزوج، وذوي المحارم.
وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز
1 / 6
النظر إليها، لأنه يجوز إظهاره.
ثم لما أنزل الله ﷿ آية الحجاب بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٩] (١) حجب النساء عن الرجال.
وكان ذلك لما تزوج النبي ﷺ زينب بنت جحش، فأرخى النبي ﷺ الستر، ومنع أنسًا أن ينظر.
ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك، عام خيبر، قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها. فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب، وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن.
والجلباب: هو الملاءة، وهو الذي يسمّيه
_________
(١) سورة الأحزاب آية: ٥٩.
1 / 7
ابن مسعود وغيره: الرداء، وتسميه العامة: الإزار - وهو الإزار الكبير الذي يغطى رأسها وسائر بدنها.
وقد حكى عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينيها، ومن جنسه النقاب.
فكن النساء ينتقبن.
وفي " الصحيح ": «أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين» .
فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن، وهو ستر الوجه، أو ستر الوجه بالنقاب. كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب. فما بقي يحل للأجانب النظر إلا الثياب الظاهرة. فابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس أول الأمرين.
وعلى هذا قوله: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ [النور: ٣١] (١) يدل على أن لها أن تبدى الزينة الباطنة
_________
(١) سورة النور آية: ٣١.
1 / 8
لمملوكها. وفيه قولان: -
١ - قيل: المراد الإماء، أو الإماء الكتابيات، قاله ابن المسيب، ورجحه أحمد وغيره.
٢ - وقيل: هو المملوك الرجل، قاله ابن عباس وغيره، وهذا مذهب الشافعي وغيره، وهو الرواية الأخرى عن أحمد، فهذا يقتضي جواز نظر العبد إلى مولاته.
وقد جاءت بذلك أحاديث، وهذا لأجل الحاجة، لأنها محتاجة إلى مخاطبة عبدها أكثر من حاجتها إلى رؤية الشاهد والعامل والخاطب.
فإذا جاز نظر أولئك، فنظر العبد أولى. وليس في هذا ما يوجب أن يكون محرما يسافر بها، كغير أولي الإربة، فإنهم يجوز لهم النظر، وليسوا محارم يسافرون بها.
فليس كل من جاز له النظر، جاز له السفر بها، ولا الخلوة بها، بل عبدها ينظر إليها للحاجة، وإن كان لا يخلو بها ولا يسافر بها، فإنه لم يدخل في قوله صلى الله
1 / 9
عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع زوج أو ذي محرم» فإنه يجوز له أن يتزوجها إذا عتق. كما يجوز لزوج أختها أن يتزوجها إذا طلق أختها.
والمحرم: من تحرم عليه على التأبيد، ولهذا قال ابن عمر: سفر المرأة مع عبدها ضيعة.
فالآية رخصت في إبداء الزينة لذوي المحارم وغيرهم، وحديث السفر ليس فيه إلا ذووا المحارم، وذكر في الآية ﴿نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ [النور: ٣١] (١) و﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾ [النور: ٣١] (٢) وهي لا تسافر معهم.
وقوله: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] (٣) قالوا: احتراز عن النساء المشركات، فلا تكون المشركة قابلة للمسلمة، ولا تدخل المشركة معهن الحمام.
لكن قد كن النسوة اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها، فأين وجهها ويديها، بخلاف الرجال، فيكون هذا في الزينة الظاهرة في حق النساء الذميات، وليس
_________
(١) سورة النور آية: ٣١.
(٢) سورة النور آية: ٣١.
(٣) سورة النور آية: ٣١.
1 / 10
للذميات أن يطلعن على الزينة الباطنة، ويكون الظهور والبطون بحسب ما يجوز لها إظهاره.
ولهذا كان أقاربها تبدي لهن الباطنة، وللزوج خاصة ما ليس للأقارب.
وقوله: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] (١) دليل على أنها تغطي العنق، فيكون من الباطن - لا الظاهر - ما فيه من القلادة وغيرها.
_________
(١) سورة النور آية: ٣١.
1 / 11
[فصل في ستر النساء عن الرجال وستر الرجال عن الرجال والنساء عن النساء]
[ستر العورة في الصلاة وخارجها]
فصل فهذا ستر النساء عن الرجال، وستر الرجال عن الرجال، والنساء عن النساء في العورة الخاصة، كما قال ﷺ: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة» وقال: «احفظ عورتك إلا عن زوجتك أو ما ملكت يمينك» قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: «إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها» . قلت: فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: «فالله أحق أن يستحيا منه» و«نهى أن يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، والمرأة إلى المرأة في ثوب واحد» وقال عن الأولاد: «مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» .
1 / 12
فهذا نهي عن النظر واللمس لعورة النظير، لما في ذلك من القبح والفحش، وأما الرجال مع النساء، فلأجل شهوة النكاح، فهذان نوعان.
وفي الصلاة نوع ثالث، فإن المرأة لو صلت وحدها، كانت مأمورة بالاختمار، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها، فأخذ الزينة في الصلاة لحق الله، فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانا ولو كان وحده بالليل. ولا يصلي عريانا ولو كان وحده، فعلم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن لتحتجب عن الناس، فهذا نوع، وهذا نوع.
وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة، وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال.
فالأول مثل المنكبين، فإن النبي نهى أن يصلى الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فهذا لحق الصلاة، ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج
1 / 13
الصلاة.
وكذلك المرأة الحرة تختمر في الصلاة، كما قال النبي ﷺ: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» وهى لا تختمر عند زوجها ولا عند ذوي محارمها، فقد جاز لها إبداء الزينة الباطنة لهؤلاء، ولا يجوز لها في الصلاة أن تكشف رأسها لا لهؤلاء ولا لغيرهم.
وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان، ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين، بخلاف ما كان قبل النسخ، بل لا تبدي إلا الثياب.
وأما ستر ذلك في الصلاة، فلا يجب باتفاق المسلمين، بل يجوز لها كشف الوجه بالإجماع، وإن كان من الزينة الباطنة. وكذلك اليدان يجوز إبداؤهما في الصلاة عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة والشافعي وغيرهما، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة، وهو الأقوى، فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة. قالت: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١] (١)
_________
(١) سورة النور آية: ٣١.
1 / 14
قالت: الفتخ: حلق من فضة تكون في أصابع الرجلين. رواه ابن أبي حاتم، فهذا دليل على أن النساء كن يظهرن أقدامهن أولًا، كما يظهرن الوجه واليدين، فإنهن كن يرخين ذيولهن، فهي إذا مشت قد يظهر قدمها. فإنهن لم يكنّ يمشين في خفاف وأحذية. وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم، وأم سلمة قالت: تصلي المرأة في ثوب سابغ يغطى ظهور قدميها، فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم.
وبالجملة فقد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها، وإنما ذلك إذا خرجت، وحينئذ فتصلي في بيتها، وإن بَدا وجهها ويداها وقدماها. كما كن يمشين أولًا قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن، فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر، لا طردا ولا عكسا.
1 / 15
وابن مسعود ﵁ لما قال: الزينة الظاهرة هي الثياب، لم يقل: إنها كلها عورة حتى ظفرها. بل هذا قول أحمد، يعني به أنها تستره في الصلاة، فإن الفقهاء يسمون ذلك " باب ستر العورة " وليس هذا من ألفاظ الرسول، ولا في الكتاب والسنة أن ما يستره المصلى فهو عورة، بل قال تعالى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] (١) .
ونهى النبي ﷺ أن يطوف بالبيت عريانا فالصلاة أولى. وسئل عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: «أو لِكُلِّكُم ثوبان؟» . وقال في الثوب الواحد: «إن كان واسعا فالتحف به، وإن كان ضيقا فاتزر به» ونهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد وليس على عاتقه منه شيء فهذا دليل على أنه يؤمر في الصلاة بستر العورة، الفخذ وغيره، وإن جوزنا للرجل النظر إلى ذلك.
_________
(١) سورة الأعراف: ٣١.
1 / 16
فإذا قلنا على أحد القولين، وهو إحدى الروايتين عن أحمد: أن العورة هي السوأتان، وأن الفخذ ليس بعورة، فهذا في جواز نظر الرجل إليها، ليس هو في الصلاة والطواف، فلا يجوز أن يصلي الرجل مكشوف الفخذين، سواء قيل: هما عورة أو لا، ولا يطوف عريانا، بل عليه أن يصلى في ثوب واحد، ولا بد من ذلك، إن كان ضيقا اتّزر به، وإن كان واسعا التحف به، كما أنه لو صلى وحده في بيت كان عليه تغطية ذلك باتفاق العلماء.
وأما صلاة الرجل بادي الفخذين مع القدرة على الإزار، فهذا لا يجوز، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف، ومن بنى هذا على الروايتين في العورة، كما فعله طائفة فقد غلطوا. ولم يقل أحمد ولا غيره: إن المصلي يصلى على هذه الحال، كيف وأحمد يأمره بستر المنكبين؟ فكيف يبيح له كشف الفخذ؟! فهذا هذا.
1 / 17
وقد اختلف في وجوب ستر العورة إذا كان الرجل خاليا، ولم يختلف في أنه في الصلاة لا بد من اللباس، (وأنه) لا تجوز الصلاة عريانا مع القدرة على اللباس باتفاق العلماء، ولهذا جوز أحمد وغيره للعراة أن يصلوا قعودا ويكون إمامهم وسطهم، بخلاف خارج الصلاة، هذا الستر لحرمة الصلاة، لا لأجل النظر، وقد قال النبي ﷺ في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده لما قَال: «قلت يا رسول الله، فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: فالله أحقُّ أن يستحيا منه من الناس.»
فإذا كان هذا خارج الصلاة، فهو في الصلاة أحق أن يستحيا منه، فتؤخذ الزينة لمناجاته ﷾، ولهذا قال ابن عمر لغلامه نافع لما رآه يصلي حاسرًا: " أرأيت لو خرجت إلى الناس، كنت تخرج هكذا؟ " قال: لا. قال: فالله أحق من يتجمل له.
وفي الحديث الصحيح لما قيل للنبي ﷺ
1 / 18
: «الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا؟ فقال: إن الله جميل يحب الجمال.»
وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة والطيب، فقد أمر النبي ﷺ «أن تتخذ المساجد في البيوت وتنظف وتطيب» وعلى هذا، فيستتر في الصلاة أبلغ مما يستتر الرجل من الرجل، والمرأة من المرأة.
ولهذا أمرت المرأة أن تختمر في الصلاة. وأما وجهها ويداها وقدماها، فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب، لم تنه عن إبدائه للنساء، ولا لذوي المحارم فعلم أنه ليس من جنس عورة الرجل مع الرجل، والمرأة مع المرأة التي نهى عنها لأجل الفحش وقبح كشف العورة، بل هذا من مقدمات الفاحشة، فكان النهي عن إبدائها نهيا عن مقدمات الفاحشة، كما قال في الآية: ﴿ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ [النور: ٣٠] (١) وقال في آية الحجاب: ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣] (٢) فنهى عن هذا
_________
(١) سورة النور آية: ٣٠.
(٢) سورة الأحزاب آية: ٥٣.
1 / 19
سدا للذريعة، لا أنه عورة مطلقة، لا في الصلاة ولا في غيرها، فهذا هذا.
وأمر المرأة في الصلاة بتغطية يديها بعيد جدا، واليدان تسجدان كما يسجد الوجه. والنساء على عهد النبي ﷺ إنما كان لهن قمص، وكن يصنعن الصنائع والقمص عليهن، فتبدي المرأة يديها إذا عجنت وطحنت وخبزت، ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجبا لبينه النبي ﷺ، وكذلك القدمان، وإنما أمر بالخمار فقط مع القميص، فكنَّ يصلين في قمصهن وخمرهن.
وأما الثوب الذي كانت المرأة ترخيه، وسألن عن ذلك النبي ﷺ فقال: «شبرًا فقلن: إذًا تبدو سوقهن؟ فقال: ذراع لا يزدن عليه» . وقول عمر ابن ربيعة:
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى الغانيات جر الذيول
فهذا كان إذا خرجن من البيوت، ولهذا سئل عن
1 / 20
المرأة تجر ذيلها على المكان القذر؟ فقال: «يطهره ما بعده» . وأما في نفس البيت فلم تكن تلبس مثل ذلك. كما أن الخفاف اتخذها النساء بعد ذلك لستر السوق إذا خرجن، وهن لا يلبسنها في البيوت، ولهذا قلن: إذًا تبدو سوقهن، وكأن المقصود تغطية السوق، لأن الثوب إذا كان فوق الكعبين بدا الساق عند المشي.
وقد روي: «أعروا النساء يلزمن الحجال» يعنى إذا لم يكن لها ما تلبسه في الخروج لزمت بيتها.
وكنَّ نساء المسلمين يصلين في بيوتهن، وقد قال النبي ﷺ: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن» ولم يؤمرن مع القُمُص إلا بالخمر، لم تؤمر بما يغطي رجليها، لا خف ولا جورب. ولا بما يغطي يديها، لا بقفازين ولا غير ذلك.
فدل على أنه لا يجب عليها في الصلاة ستر ذلك إذا لم يكن عندها رجال أجانب. وقد روي أن الملائكة لا تنظر إلى الزينة الباطنة. فإذا وضعت خمارها أو
1 / 21
قميصها، لم ينظر إليها. وروي في ذلك حديث عن خديجة، فهذا القدر - القميص والخمار - وهو المأمور به لحق الصلاة. كما يؤمر الرجل إذا صلى. في ثوب واحد واسع أن يلتحف به، فيغطى عورته ومنكبيه.
والمنكبان في حقه، كالرأس في حق المرأة، لأنه يصلي في قميص، أو ما يقوم مقام القميص. وهو في الإحرام لا يلبس على بدنه ما يقدر له. كالقميص والجبة، كما أن المرأة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين، وأما رأسه فلا يخمره.
[الخلاف في وجه المرأة]
ووجه المرأة فيه قولان في مذهب أحمد وغيره:
١ - قيل: إنه كرأس الرجل فلا يغطى.
٢ - وقيل: إنه كيديه، فلا يغطى بالنقاب، والبرقع ونحو ذلك مما صنع على قدره، وهذا هو الصحيح، فإن النبي ﷺ لم ينه إلا عن القفازين والنقاب.
1 / 22