أصبحت الكتابة ميسرة بالقلم الجديد، ولم تعد بي حاجة لاستخدام المحبرة أو الرمال للتجفيف. وعندما انتصف النهار أحضرت كتابا لتعليم اللغة عنوانه «تطبيقات في العربية الفصحى مختارة من القرآن لينتفع بها دارسو العربية.» قربت مقعدي منها لنقرأ سويا. وهبت علي رائحة عرق شديدة. وبدا لي أن ملابسها لم تغسل منذ مدة طويلة. بدأت أقرأ معها الآيات وترجمتها. كنت أهتز في مقعدي يمنة ويسرة فتعجبت. قلت لها: إننا نقرأ هكذا في الأزهر. أقنعتني بعدم الاهتزاز ووجدت صعوبة في ذلك. ثم أحضرت الصحيفة الفرنسية التي يصدرونها كل أسبوع واسمها كوريير دي ليجيبت.
تصفحنا العدد الأول الذي صدر منذ أربعة شهور. كان يشتمل على مقال خاص بالمولد النبوي، وأخبار الجيش وحوادث القاهرة وأهم الأخبار المحلية كأنباء الاحتفالات والأعياد وحفلات الموسيقى والرقص في دار غيط النوبي التي أسموها بالتيفولي على اسم مكان مثله في باريس. وكانت به أيضا أخبار الديوان ونداءاته بالهدوء، وبعض النوادر والقصص القصيرة.
قرأنا سويا حكاية طريفة عن رجل نوبي أراد ريجو أن يرسم له صورة. وعندما شرع في تلوين الرأس والصدر هب النوبي مفزوعا يطلب من المصور أن يعيد إليه رأسه وصدره. ورفض آخر أن يجلس للتصوير لأنه اعتقد أن أجزاء الجسم المصورة لا تلبث أن تتجمد ويموت أصحابها.
الجمعة 7 ديسمبر
فوجئت اليوم بأنها قد حركت منضدتي بحيث أصبحت لصق منضدتها. كان الجو دافئا فألقت الوشاح الذي يغطي صدرها جانبا. وكشف رداؤها الواطئ الصدر عن منبت نهديها. وانبعث منها عطر لطيف.
كنت قد أعددت لها ورقة بالألفاظ العربية المستخدمة في الحياة اليومية وما يقابلها من الفرنسية فتدارسناها ثم قرأنا معا الإعلانات المنشورة في صحيفة الكوريير دي ليجيبت. وعندما انحنت فوق الصحيفة رأيت ثدييها الصغيرين المكورين فاشتعلت النار في جسدي، واستعذت بالله من الشيطان الرجيم.
سجلت ترجمة الإعلانات في ورقة كما يلي:
في نهاية الشارع الفينيسي، في بيت المواطن الطيب فولمار يوجد مصنع للمشروبات والخمور بجميع أنواعها والطافيا وغيرها من السلع الأوروبية الطراز.
المواطنان فور ونازو وشركاؤهما يصنعون جميع أنواع المشروبات في ميدان بركة الفيل قرب المستشفى بأسعار معتدلة.
حمامات فرنسية خلف ميدان بركة الفيل.
Неизвестная страница