قال: غدا إذن تبدأ.
انتقلنا إلى بيت إبراهيم كتخدا السناري وهو نوبي من أهالي دنقلة، كان بوابا بالمنصورة، ثم اتصل بالأمير مصطفى بك وتعلم اللغة التركية، ثم اتصل بالأمير مراد بك وتقرب منه، وأصبح من أعيان القاهرة. وخصص الفرنساوية البيت للمصورين ومنهم أريجو الذي يصور الآدميين تصويرا يظن من يراه أنه بارز في الفراغ مجسم حتى إنه صور المشايخ كل واحد على حدة في دائرة. وعرفنا أن كبيرهم دينون في الصعيد.
ورأينا واحدا منهمكا في تصوير الحيوانات والحشرات، وثالثا يصور الأسماك والحيتان بأنواعها وأسمائها. ويأخذون الحيوان أو الحوت الغريب الذي لا يوجد ببلادهم، فيضعون جسمه بذاته في ماء مصنوع حافظ للجسم، فيبقى على حالته وهيئته لا يتغير ولا يبلى ولو بقي زمنا طويلا.
في طريق العودة أبدى أستاذي تعجبه مما رأيناه. وقال: إن العمل في المكتبة فرصة لتجويد لغتي. ثم أضاف وهو ينظر إلي بإمعان: وأيضا لمعرفة أخبارهم.
قلت: وماذا بشأن دروسي معك؟
قال: ربما وجدنا وقتا في المساء. وفي كل حال يمكن تأجيلها حتى تنقشع هذه الغمة.
الإثنين 3 ديسمبر
أذن لي أستاذي بأن آخذ الحمار حتى الناصرية. كان الجو باردا فأعطاني شالا من الكشمير وضعته حول رأسي وصدري. وعندما وصلت أمام قصر قاسم ربطت حماري إلى سور البيت. استقبلوني ببشاشة. واقتادني أحدهم إلى قاعة امتلأت جدرانها بخزائن الكتب، وامتدت وسطها تختاة عريضة مستطيلة حولها كراسي منصوبة موازية يجلس عليها أناس منهمكون في العمل. كان السقف مرتفعا ومؤلفا من زخارف خشبية جميلة. وكان الجو دافئا؛ فقد حرقوا أخشابا في مدفأة حجرية بطرف القاعة.
أعطاني دفترا لأسجل الكتب العربية، وأراني كيف أفعل . وطلب مني أن أجلس حيث أشاء. وأشار إلى طرف القاعة حيث فسحة صغيرة تعلو شبرا عن الأرض وبها زوجان من المناضد المتقابلة. اخترت واحدة وانصرفت إلى تفقد محتويات الخزائن. كان أغلبها بالفرنسية. وبها جملة كبيرة مطبوع بها أنواع التصاوير، وكرات البلاد والأقاليم والبحار والأهرامات والحيوانات والطيور والنباتات، وتواريخ القدماء، وسير الأمم، وقصص الأنبياء بتصاويرهم وآياتهم ومعجزاتهم، وحوادث أممهم.
من جملة ما رأيته كتاب كبير يشتمل على سيرة النبي
Неизвестная страница