بلغ الجامع الأحمر وأنا من خلفه، ورأيته يتجه مباشرة إلى سور القلعة التي بناها المعلم يعقوب. وكانت به أبراج وطيقان للمدافع وبنادق الرصاص، وباب كبير تحيط به عمدان عظام، ووقف عنده عدد من الرجال حليقي اللحى في زي مشابه لعسكر الفرنساوية، مميزين عنهم بقلنسوات عليها قطعة فروة سوداء من جلد الغنم، وبأيديهم البنادق على طريقة الفرنساوية.
اقترب حنا من الباب فسمحوا له بالدخول. ووقفت حائرا ومستغربا. وإذا بجماعة من أربعة رجال تخرج وتحيط بي، ثم تدفعني نحو الباب. شلت المفاجأة تفكيري فلم أصرخ أو أقاوم. دخلت معهم وأغلق الباب خلفي. ووجدت حنا في انتظاري. وشعرت أن له مكانة متميزة بين الحرسية.
قال: أهلا ومرحبا.
قلت: طريقة غريبة في الترحيب.
قال: لماذا كنت تتبعني؟
قلت: أنا أبحث عنك من يوم الفرنساوي الهارب. وقال لي أهلك إنك مختف. وعندما رأيتك أردت أن أكلمك لكنك كنت تهرول ولم أتمكن من اللحاق بك.
قال: في كل الأحوال وجودك لازم. وكنت أنوي أنا نفسي زيارتك. تعال.
رآني مترددا فأردف: لا تخف. لن يصيبك أذى.
قادني عبر قاعات مفروشة بالحصر والسجاد والأرائك وعلى جوانبها المساند. وكانت الدار الكبيرة أشبه بدار الحاكم يتحرك بها المئات. ويبدو على بعضهم أنهم من أصحاب الحاجيات، ويتعامل معهم عشرات من الكتاب من أعوان المعلم.
قدم لنا الخدم الماء المثلج الممزوج برائحة الزهور، ثم الشربات والقهوة. ثم جاءوا بسماط كبير صفت على جانبيه ثلاثة أنواع من الكعك والفطير.
Неизвестная страница