ثانيا أن إطلاق الإجماع إنما هو متوجه إلى اتفاق الجمهور ممن تعقب البخاري ومسلما من أهل الحديث وفيه من البعد ما لا يخفى لتعدد الأقطار وتفرقهم في الأمصار، وكون إجماع الجمهور ليس بحجة، على أن المحدثين نصوا على عدم قبول رواية الداعية من المبتدعة وهم مثبتون من رجال الصحيحين ونصوا على ضعف أبي حنيفة لروايته عن الضعفاء، وقد ثبت أن البخاري ومسلما رويا عن الضعفاء وغيرهم، ومن اعتذر لهما بأنهما لم يرويا عنهم إلا وقد ثبت لهما ذلك من طريق صحيحة عدلا عنها لعلو السند وغير ذلك من المحامل فمن باب التجويز، ولو فتحنا ذلك الباب لما صح لنا طعن في خبر ولا عدالة، بل لو فتحنا التجويزات لأمكن ذلك في النبوة وغيرها.
والحق الذي لا غبار عليه أن الصحيحين كغيرهما من الكتب، وقد أخرجا ما أخرجاه مسندا فبرئا من العهدة وعلى العامل التفتيش عن تلك الطرق ولا يلزم من هذا الخطأ على المصنف مع الإسناد وكل على أصله والترجيح باتفاق العقائد نوع من الغلو والعبرة في هذا الشأن بالضبط مع الصدق وعدم التجاري على المعاصي وخصوصا أبواب سلاطين الجور فافهم.
وقد أجاب العلماء عن العيوب المستدركة على الشيخين بأجوبة منها
المفيد، ومنها ما هو إلى الضعف أقرب ومقصدنا المناقشة على صحة الإجماع لا المدعي المعارضة وكثرة الهذيان بما لا طائل تحته والحق أحق أن يتبع.
[روايات أهل البيت وشروطها]
[الإمام] قال رحمه الله : قال يعني المترسل والضابط في ذلك : أن ما صححه أئمتنا من ذلك فهو صحيح وما ردوه أو طعنوا في راويه فهو مردود مثل خبر الرؤية عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله، وإنما كان ما ردوه أو جرحوا راويه فهو مردود ومن جرحوه مجروحا لوجهين:
أحدهما: أن أئمتنا عدول لصحة اعتقادهم واستقامة أعمالهم والقطع أنه إذا جرح الراوي جماعة عدول فإن جرحهم مقبول؛ لأن الجارح مقبول مقدم على المعدل.
Страница 58