أما الذين يشتغلون فيه ممن فطروا عليه فإنهم ينالون فيه شهرة عظمى وشرفا كبيرا.
وملامح الممثلين تقرب من ملامح المصورين ورجال الموسيقى؛ لأن التمثيل يعد من الفنون الجميلة، ولا يمهر فيها أصحابها إلا بالقريحة الخاصة والمزاولة الطويلة.
وخلاصة ما يقال في فراسة المهن والصناعات أن أرباب المهنة الواحدة يغلب أن تتشابه ظواهرهم وإن كان التشابه قلما يتم للأسباب التي قدمناها في صدر هذا الفصل.
وقد يبرع في فن التمثيل أو في غيره من الفنون الجميلة أناس لا تدل ظواهرهم على أنهم من أهل تلك الفنون، فهؤلاء لا بد من اختصاصهم باقتدار عقلي وذكاء حاد وصبر ومزاولة حتى يستطيعوا اكتساب تلك القريحة، وهذا نادر، ولكنه كثيرا ما يكون سببا في تشويش الحقائق على الباحث في علم الفراسة.
فراسة الحيوان
لعلماء الفراسة أبحاث في فراسة أنواع الحيوان من قديم الزمان، وقد عاد علماء الأعصر الحديثة إلى النظر في ذلك على ما يقتضيه العلم الحديث، فنظروا في مراتب الحيوان وأنواعها وأفرادها، وبينوا أخلاقها وطباعها بالنظر على ظواهرها، مستدلين على ذلك بقواعد علم الفراسة في الإنسان كما ذكرناه في مواضعه من هذا الكتاب مما يطول شرحه ولا محل له هنا.
على أننا نذكر مثالا يستدل به على ما بقي: قلنا في بعض ما تقدم عن فراسة الإنسان إن عرض الجبهة دليل القوة وشدة البأس وحب القتل، فإذا اعتبرنا ذلك في الحيوان رأيناه ينطبق على ما قررناه هناك كل الانطباق، لأنك ترى أكثر الحيوانات ذوات الجباه العريضة من الحيوانات المفترسة آكلة اللحوم، ومن طباعها التعدي والهجوم والافتراس.
وبخلاف ذلك الحيوانات ذوات الجباه الضيقة فإنها ضعيفة جبانة، وأكثرها من أكلة النبات كالغزال والماعز والضأن وغيرها.
وقد لاحظوا أيضا أن الحيوان الواحد يتفاوت رأسه بعدا بين الأذنين بتفاوت تطبيعه وتعليمه. فالكلب البري ضيق الرأس مستطيل الفم، والكلب الفوندلاندي يكاد وجهه يستدير وعيناه تشبهان عيني الإنسان، وقس على ذلك سائر أنواع الحيوان.
فراسة الحيوان عند العرب:
Неизвестная страница