إلا ويرى بينهم مشابهة كلية فيما هو من ضروريات مهنتهم، فترى كل شيء فيهم عريضا غليظا، فهم عراض الوجوه عراض الأفواه غلاظ الأعناق عراض الصدور.
والسبب في ذلك أن المصارعة رياضة بدنية تستعمل بها العضلات فتنمو وتكبر ويهمل الدماغ فيقف نموه، ولذلك فإنك لا ترى بين هذه الرءوس جبهة عالية أو بارزة على الإطلاق، وإذا قابلت هذه الصور بصور القواد أو المصورين أو الشعراء تبين لك الفرق بأجلى بيان.
ولا يفهم من ذلك أن الفرق بين جمجمة المصارع وجمجمة الفيلسوف إنما حدث بالاستعمال والرياضة - وإن كانت الرياضة في الواقع تساعد على ذلك - ولكن الفرق بين الرأسين يظهر من الطفولية.
فالمولود وفي رأسه دماغ الفيلسوف لا يمكن أن يشتغل بالمصارعة، والذي يولد وطبعه ميال إلى الرياضة البدنية ودماغه صغير لا يمكن أن يكون فيلسوفا، ثم يتسع ذلك الفرق بالاستعمال وتوالي الأزمان.
ولا تتعب نفسك في تعليم ابنك الشعر إذا لم يكن شاعرا، ولا تغره على الاشتغال بالعلم إذا لم يكن تهيأ لذلك قبل ولادته، ولا شك أن هؤلاء المصارعين دخلوا المدارس كما دخلها نيوتن وسبنسر، ولكنهم لم يفلحوا في دروسهم فساقتهم الطبيعة إلى المهنة التي ولدوا لها، ولو كابر آباؤهم وأرادوا أن يعلموهم الفلسفة أو الشعر أو التصوير أو الطب لما استثمروا غير الفشل.
وأما بمعاطاتهم مهنة المصارعة فإنهم برعوا فيها وعاشوا منها وقاموا بالعمل الذي خلقوا له أو لمثله من نوعه.
شكل 14: أشهر الجراحين. (1)
وليم هارفي: الإنكليزي ، مكتشف دورة الدم، توفي سنة 1657. (2)
كوبر: أشهر جراحي إنكلترا، توفي سنة 1841 (في وسط الشكل أو أعلاه). (3)
البرنيتي: طبيب إنكليزي، هو أول من ربط الشريان السباتي والشريان الحرقفي، توفي سنة 1831. (4)
Неизвестная страница