Наука литературной психологии: основы литературной философии
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Жанры
وهذه الدائرة قابلة للتوسع أيضا كتلك بفعل التربية والتعليم والبيئة الاجتماعية أيضا، والأفراد والجماعات متفاوتون فيها كما تقدم.
الدائرة الخامسة:
وهي الذاتية الأدبية، هي دائرة الحرية العليا التي تدخل بنا إلى منطقة الواجب والحق. في الدوائر الأربع السالفة كان المخطئ يقول لك: لم أقدر، أو لم أعلم، أو كنت مضطرا، أو لم يخطر لي هكذا وهكذا، وإنما في هذه الدائرة يقول لك: كنت أقدر، وكنت أعلم، ولم أكن مضطرا، ولكني لم أرد.
في الدوائر الأولى اصطاد زيد حمامة عمرو إما لأنه جائع ولم يستطع صبرا على الجوع إلى أن يجد طعاما آخر، أو أنه كان يظنها سائبة، أو يجهل أنها تخص فلانا. وأما في الدائرة الخامسة فيصطاد زيد حمامة عمرو مع علمه أنها لعمرو، ومع أنه غير جائع، وإنما يصطادها إذ ليس من يمنعه عن ذلك غير أدبية نفسه، فإذا كان أدبي النفس فيمتنع عن صيدها مهما كانت هناك مغريات له لصيدها. (2-2) ذاتيات الإنسان الثلاث
فللإنسان إذن ثلاث ذاتيات متفاوتة في الدرجة: ذاتيته الطبيعية المشتملة على غرائزه، وذاتيته العقلية، وذاتيته الأدبية، وسلوكه أو تصرفاته التي هي نتيجة تفاعل هذه الذاتيات فيما بينها وبين الظروف المحيطة به. فكأن هذه الذاتيات والظروف تصدر عوامل مختلفة القوى والاتجاهات، فبعضها أقوى من بعض، وبعضها أكثر استمرارا من بعض، وبعضها يناقض بعضا، وإنما لا بد من حصول فعل كنتيجة لتفاعلها، ولا بد أن يكون هذا الفعل متجها في جهة العامل المتغلب، أو في جهة هي حاصل جهات العوامل المختلفة الاتجاه، حسب سنة الحركة الطبيعية.
ولإيضاح ذلك نفرض أن زيدا من الناس كان في متنزه عمومي يباح فيه شرب الخمرة، وهو يعلم أن شرب الخمرة منكر صحيا وأدبيا. ولزيادة الإيضاح نقيس قوة ذاتياته بالأرقام، فإذا كانت قوة ذاتيته البهيمية الغريزية مثلا 3، وقوة ذاتيته العقلية 3، وقوة ذاتيته الأدبية 3، كان اتجاهه إلى السكر متوسطا بين عقله وأدب نفسه، فيشرب باعتدال ولا يسكر؛ لأن قوتيه العقلية والأدبية ضعفا قوته البهيمية، فتستميلانه إلى الاعتدال في الشرب، وإذا زادت قوته الأدبية نقصت قوته البهيمية بقدر زيادة تلك؛ وبالتالي مال اتجاهه عن الشرب إلى الامتناع بقدر ذلك، وبالعكس إذا اشتدت قوته البهيمية وضعفت قوته الأدبية مال إلى الانغماس في السكر بنفس النسبة.
إذن تصرف الإنسان أو سلوكه إنما هو حاصل تفاعل هذه العوامل، ولولا وجود هذه العوامل المختلفة التي تتنازع وجهة تصرفه لما كان معنى للقول: إنه حر أو غير حر. فوجود الإنسان في هذه الدوائر التي تحيط بشخصيته وتحصرها ضمن حدود معينة أوجد حريته، ولولا هذه الحدود التي نحن بصددها لكان بلا حرية البتة. (2-3) ليست الحرية مطلقة
ولعل بعض القراء يتوهم أنه لولا هذه الحدود لكانت الحرية مطلقة إطلاقا تاما. ولتبيان فساد هذا الوهم نزيل هذه الدوائر الواحدة بعد الأخرى لنرى ماذا يكون، فلو أزلنا الدائرتين الأوليين: دائرة المستحيلات ودائرة المجهولات؛ لأصبح الإنسان قادرا على كل شيء، أي لكان إلها؛ فإما أن يكون إلها شريرا إذا تغلبت غرائزه على أدبية نفسه، أو إلها صالحا إذا كان العكس، وإذا أزلنا الدائرة الثالثة: دائرة الغرائز والأخلاق أيضا، أصبح روحا أدبية لا فعل لها؛ إذ لا قوة لها للفعل، وبالتالي لا يبقى محل للحكم على عملها إن كان حسنا أو سيئا؛ ولذلك لا يبقى محل للقول بحريتها.
وإذا أزلنا الدائرة الرابعة تلاشت الخامسة أيضا؛ لأن القوة الأدبية مرتكزة على القوة العقلية، وحينئذ يصبح الإنسان جمادا لا حياة متحركة، ولا عقلا مدربا له، وبالتالي ينتفي معنى الحرية عنه كانتفائه عن الحجر: يصبح بلا حرية البتة كما أن الحجر ليس حرا في أن يرتفع عن الأرض أو أن يقع عليها؛ لأن ارتفاعه ووقوعه يتوقفان على ناموس الجاذبية والدافعية، فمتى رفعته قوة أجنبية ارتفع من غير أن يريد، ومتى تركته سقط من غير أن يريد. (2-4) دوائر الحرية علة وجود الحرية
فإذن زوال هذه الدوائر المحددة الحرية لا يفضي إلى حرية مطلقة، بل بالعكس يقضي على الحرية بالفناء، وإنما وجود هذه الدوائر المحددة للحرية يؤيد وجودها، وكلما زالت دائرة من دوائر الذاتية العليا سقطت دائرة حرية الفعل نفسه؛ فإذا زالت الدائرة الأدبية أصبح المرء إنسانا شيطانيا جهنميا لا يقدر أن يعمل صالحا، بل يصبح عبد شهواته، وإذا زالت الدائرة التعقلية أصبح المرء حيوانا يضطر أن يفعل بما توجبه غرائزه.
Неизвестная страница