Наука литературной психологии: основы литературной философии
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Жанры
بقي أن نعلم كيف ينشأ «الواجب» الذي يؤدي بنا إلى المثل الأعلى. ما الذي يوجب علينا السلوك إلى الغاية الأدبية المتضمنة المثل الأعلى؟ لماذا نريد أن نسلك السلوك الأدبي الذي يلائم المجتمع ككل نحن جزء منه؟
بابتغائنا السعادة كغاية نهائية نشعر أن الصوت الذي يدعونا إلى القيام بالواجب هو صادر من ذاتيتنا، وإنما الإنسانية التي هي أعلى طبقة في الوجود، وفي أعلى درجة من الرقي، هي التي تحدث هذا الصوت ولسان حالها يقول: كن شخصية اجتماعية لا ذاتية حيوانية. هي التي أقامت الضمير وسلمته ميزان الدينونة، وهي التي عينت السعادة جزاء للقيام بالواجب، والألم عقابا لمخالفته. فصوت الضمير الديان هو صوت الإنسانية الصادر من الشخصية الاجتماعية الحقيقية؛ ولذلك متى ندم الإنسان على فعل مذموم قد فرط منه يقول مخاطبا نفسه: ماذا فعلت يا هذا؟ لماذا فعلت هذا الفعل؟ كأن شخصيته الإنسانية تعاتب ذاتيته البهيمية، كأنه يقول: «لم أكن أنا نفسي حين فعلت هذا الفعل الشنيع.»
الفصل الثاني
في سبيل الارتقاء الأدبي
(1) سنن التطور الارتقائي (1-1) تنازع الفضيلة والرذيلة
التمدن كما نعرفه الآن وكما عرفنا تاريخه الماضي بعضه نتيجة أفعال الصالحين، وبعضه نتيجة أفعال الطالحين، وبعض أنظمته حقة صالحة وجيدة، وبعضها باطلة وسيئة، فالفضيلة والرذيلة تعملان فيه معا دائما متنازعتين. وهو كما هو الآن مصاقب لكلتيهما، وكلما تغلبت الفضيلة على الرذيلة في معركة تطورية خطا التمدن خطوة في سلم الرقي، والعكس بالعكس، وربما كان التمدن الحالي، كما نعرفه الآن، غير مهيأ لكي يلاشي الرذيلة وشرورها بتاتا، ولا لكي يجعل الفضيلة وحدها سيدته.
على أن ما عرفناه من تاريخه إلى الآن يدلنا على أن فوز الفضيلة على الرذيلة، أو الخير على الشر أغلب، ولكن ليس هذا التغلب مطردا؛ فقد يتغلب الخير اليوم والشر غدا، وقد يتحسن أحد الأنظمة ويصلح لخير المجتمع فيجد ظرفا غير ظرفه، ويحدث نظاما آخر يغلب الشر على الخير، مثال ذلك عصرنا الصناعي الاختراعي هذا؛ فما من أحد يجهل أو ينكر أنه أعظم العصور نعمة لبني الإنسان، فقد نشأ فيه النظام الصناعي الجديد الذي طرح عن عاتق البشر تسعة أعشار الجهاد العضلي، وضاعف المصنوعات أضعافا، فلا ريب أنه بركة للنوع البشري.
ولذلك كان منتظرا أن يزيد رخاء الناس، ويخفف غلواء تنازعهم للرزق، وبالتالي تقل الشرور والجرائم، ولكن النتيجة جاءت بالعكس؛ لأن هذا النظام الصناعي الجديد طوح بالنظام الاقتصادي في بيداء الاستقطاب المالي، فزاد المتمولين غنى، والعمال فقرا، وجدد للحياة حاجيات عديدة تغري النفس بها، فالأغنياء يتمتعون بها، والعمال يتوقون إليها، ولا يستطيعون التمتع لفقرهم؛ فيتذرع بعضهم إليها بالوسائل غير الشريفة.
وكذلك لأن الفقراء ضعفاء، يستغل الأقوياء أتعابهم فلا يبقى لهم حول ولا قوة لترقية أنفسهم في المعرفة والتهذيب والأخلاق، فيتطوحون مكرهين في الفساد، كذلك الأغنياء من الجهة الأخرى، وقد تمكنوا من استثمار أتعاب العمال، لم يبقوا في حاجة إلى الكدح والعمل، فيشغلون أوقاتهم وينفقون أموالهم في الفساد إلا من ندر منهم.
فترى مما تقدم أن النظام الصناعي الذي يفاخر به عصرنا كل العصور الماضية بمحامده قد أفسده النظام الاقتصادي الموروث الذي بني على نظام سياسي إفرادي استبدادي سابق؛ أي غير ديموقراطي.
Неизвестная страница