Наука литературной психологии: основы литературной философии
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Жанры
ثم ماذا بعدها؟ الله أعلم. (3) سنة الانتخاب الأدبي (3-1) الانتخاب الطبيعي
إذا كان العالم الأدبي نتيجة تطور العوالم التي سبقته؛ فلا ريب أنه هو متمش على سنن التطور التي تمشت عليها تلك العوالم قبله، وإنما سنن التطور هذه تختلف في كل عالم عنها في الآخر بعض الاختلاف؛ ولذلك لا بد من تنقيح معناها في كل عالم. وهنا لا يهمنا إلا تنقيحه في العالم الأدبي. فلنر ما هي سنة التطور الأدبي؛ أي السنة التطورية التي يتمشى عليها العالم الأدبي .
أول من صاغ هذه السنة دارون أبو علم التطور وفلسفته، ومحصلها أن تطور الأنواع الحيوانية أو تدرجها في مدارج الرقي يحدث بواسطة تنازع البقاء الذي ينجلي عن بقاء الأنسب أو الأكثر مصاقبة للبيئة. وهذه العملية الحيوية تجمل بعبارة الانتخاب الطبيعي بفعل الوراثة؛ أي إن الطبيعة بواسطة ذلك التنازع تنتخب الأفضل أو الأكثر مصاقبة لها.
والانتخاب الطبيعي أصبح تعبيرا عن عملية التطور التي تتنازع فيها الأنواع المختلفة بما لها من بيئة وأعضاء خاصة، تتنازع السيادة إلى أن يتفوق نوع فيها ويطغى، ويبقى مستمرا في الحياة إلى أن يكثر ويتدفق إلى بيئات أخر؛ حيث يضطر إلى مصاقبة تلك البيئة الجديدة، فيتنوع إلى أنواع أخرى بحكم البيئة. وهذه الأنواع الجديدة تستأنف تنازع السيادة، وهكذا دواليك.
فلنر كيف تطبق هذه السنة التطورية على العالم الأدبي، أو كيف تمشي الأدبيات على هذه السنة. (3-2) التنازع العقلي
يحدث التنازع في المملكة الحيوانية في الدرجة الأولى بين الأفراد أو جماعات الأفراد، فبعضها يهلك وبعضها يبقى، ولكن في المملكة الإنسانية قل هذا التنازع الحيوي، أو انتفى بين الأفراد أو الجماعات؛ بسبب نشوء الأنظمة الاجتماعية التي أوجدت الأفراد في جماعات، إلى أن صار التنازع الفردي تمزيقا لوحدة الجماعة، وبالتالي فناء للفرد؛ فانتقل التنازع من بين الأفراد والجماعات المتحدة إلى ما بين الأمم المنفصلة. ولأن تعامل الأمم آيل حتما إلى ترابطها واتحادها؛ فهذا التنازع يقل تدريجيا فيما بينهما. فالتنازع الحيوي الذي رأيناه بين الحيوانات أخذ يتلاشى في المملكة الإنسانية.
وإنما في المملكة الإنسانية تنازع آخر يختلف في شكله عن ذلك، هو تنازع عقلي لا تنازع حيوي؛ فليس هو ضد الأفراد الضعفاء أو غير المصاقبين للبيئة، بل هو ضد الآراء والعادات والأنظمة التي لا توافق المجتمع. فلا يؤذن لأي رأي أو عادة أو نظام أن يتفوق ويبقى إلا إذا كان ملائما لسعادة المجتمع، فإذن هو تنازع بين الأفكار والأنظمة أو بين المثل العليا، لا بين الأشخاص ولا بين جماعات الأشخاص.
نعود إلى سبب هذا التنازع الحيوي في المملكة الحيوانية، وهو أن بعض الأفراد تولد - بسبب عوامل بيئية - ممتازة بمزايا طبيعية خاصة تجعلها أصلح للبقاء من غيرها. وتلك تنازع هذه الرزق أو الحياة. فهذه تهلك، وتلك تبقى وتورث مزاياها لخلائفها، وأما تلك التي هلكت في حلبة النزاع فتنقرض سلالتها. (3-3) التنازع الأدبي
أما في التنازع الأدبي فليس الأمر كذلك. هو تنازع عقلي اجتماعي، هو تنازع بين العقول؛ فإذا امتاز عقل «أو عقول» ببعض المواهب، فمن جراء تفاعله بالعقل الاجتماعي العام، وتأمله في حالة المجتمع، قد يكتشف نمطا للسلوك أصلح لحياة المجتمع، كأن يرى مثلا أن الرق والنخاسة غير صالحين لحياة المجتمع، فيبتغي الحرية الشخصية، أو يرى - كما رأى قاسم بك أمين - أن تحجب المرأة لا يصلح للحياة الشرقية الجديدة، فيبتغي السفور.
وقد يصادف مقاومة عنيفة، وقد لا يجد إلا مظاهرين قليلين له، وربما اضطهده الرأي العام، ولكن إذا كان رأيه أصوب فلا بد أن ينتشر رويدا؛ إذ يصادف قبولا في عقول الأفراد، ومع الزمان يصبح رأيه هذا رأي المجتمع؛ فتفوق فكرة إطلاق الحرية الفردية على الرق وتبقى، وينتفي الرق - وهكذا كان - وتتفوق فكرة السفور ويتلاشى الحجاب - وهكذا سيكون. فترى فيما تقدم أن هذا التنازع لم يصب الأفراد بسوء، وإنما هو قضى على أنظمة قديمة فلاشاها، وأحيا أنظمة جديدة. على هذا النحو يكون الانتخاب الأدبي أو الانتخاب الاجتماعي. (3-4) الجودة والنجاح
Неизвестная страница