وفي الوقت نفسه اهتم بدراسة علم القراءآت، فأخذ القراءة عرضا وسماعا عن مُحمد بن النقاش (١٥) وعلي بن سَعيد القزاز (١٦)، ومن في طبقتهما، وأصبح على معرفة جيدة بالقراءات وأصولها ومسائلها وبرع فيها براعة بالغة جعلت الناس يقولون: إِن الدارقطني يخرج مقرئ البلاد.
فقد حَدَّثَنا عن نفسه فقال: " كنت أنا والكتاني (١٧) نسمع الحديث، فكانوا يقولون: يخرج الكتاني محدث البلاد، ويخرج الدارقطني مقرئ البلاد، فخرجت أنا
محدثا والكتاني مقرئا " (١٨) .
وكان الدارقطني مضطلعا بعلم القراءات فصنف فيها كتابا موجزا جمع الاصول في أبواب عقدها أول الكتاب، حتى قيل فيه: لم يسبق أَبو الحسن إلى طريقته التي سلكها في عقد الابواب المقدمة في أول القراءات، وصار القراء بعده يسلكون طريقته في تصانيفهم ويحذون حذوه (١٩) .
كما أَنه كان مضطلعا بالفقه، فإنه كان فقيها على مذهب الإمام الشافعي، تفقه على أَبي سَعيد الاصطخري (٢٠) الفقيه الشافعي، وقيل: بل أخذه عن صاحب لابي سعيد (٢١) .
وكان عارفا باختلاف العلماء ومذاهبهم، فهو كما قال الخطيب (٢٢): " فان كتاب السنن الذي صنفه يدل على أَنه كان ممن اعتنى بالفقه، لانه لا يقدر على جمع
_________
١٥ - هو: محمد بن الحسن بن محمد، أبو بكر المقرئ النقاش، توفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد ٢ / ٢٠١ - ٢٠٥.
١٦ - توفى قبل الاربعين وثلاثمائة.
انظر ترجمته في غاية النهاية ١ / ٥٤٣ - ٥٤٤.
١٧ - هو: عمر بن إبراهيم بن أحمد، توفي سنة تسعين وثلاثمائة.
غاية النهاية ١ / ٥٨٧ - ٥٨٨.
١٨ - انظر المنتظم ٧ / ١٨٤.
١٩ - انظر تاريخ بغداد ١٢ / ٣٤ - ٣٥.
٢٠ - هو: الحسن بن أحمد بن يزيد، توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد ٧ / ٢٦٨ - ٢٧٠.
٢١ - انظر تاريخ بغداد ١٢ / ٣٤ - ٣٥، ووفيات الاعيان ٣ / ٢٩٧.
٢٢ - هو: أحمد بن علي الخطيب البغدادي، توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
التذكرة: ٣ / ١١٣٥ - ١١٤٦.
(*)
1 / 11