أَهَمِّيَّةُ عِلْمِ عِلَلِ الحَدِيثِ
لقد مَنَّ اللهُ على الأُمَّةِ المحمَّديةِ أنْ جعلها خيرَ الأمم، ودينَها خاتَمَ الأديانِ وأكملَهَا، ونبيَّها خاتَمَ الأنبياءِ وأفضلَهم. وتكفَّل اللهُ لهذه الأُمَّةِ بِحِفْظِ وَحْيها من التحريف والتبديل؛ فقال سبحانه: [الحِجر: ٩]، ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *﴾ والذِّكْرُ هنا يَعُمُّ الكتابَ والسُّنَّة؛ لأنَّ السنَّةَ وحيٌ منزَّلٌ من الله سبحانه؛ قال تعالى: [النّجْم: ٣] ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *﴾، وهي المبيِّنة للقرآن، وسمَّاها الله ذكرًا؛ قال تعالى: [النّحل: ٤٤] ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾، فلا يمكن العملُ بالقرآن بمَعْزِل عن السنة؛ كعدد الصَّلوات في اليوم والليلة، وعدد ركعات الصَّلاة، وصفة أدائها، وهكذا الزكاة، والحَجُّ، والصَّوم، وغير ذلك، وهذا الذي جَعَلَ مكحولًا _ح يقول: القرآنُ أحوَجُ إلى السُّنَّة من السنَّة إلى القُرآن (١) .
وقال يحيى بن أبي كثير: السُّنَّة قاضيةٌ على الكتاب، وليس الكتابُ بقاضٍ على السنَّة (٢) .
_________
(١) أخرجه سعيد بن منصور - كما في "تفسير القرطبي" (١/٣٩) - والمروزي في "السنة" (١٠٤)، والخطيب في "الكفاية" (ص١٤)، والهروي في "ذم الكلام" (٢١٤) . ومن طريق سعيد بن منصور أخرجه ابن شاهين في "السنة" (٤٨)، والهروي في الموضع السابق.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور - كما في الموضع السابق من "تفسير القرطبي" - والدارمي في "سننه" (٥٨٧)، والخطيب في الموضع السابق (١/٣٩)، والمروزي في "السنة" (١٠٣)، والهروي في "ذم الكلام" (٢١١) . ومن طريق سعيد بن منصور أخرجه ابن شاهين في "السنة" (٤٨)، والهروي في الموضع السابق.
1 / 11