وقال عمرو بن قيس: «ينبغي لصاحبِ الحديثِ أنْ يكونَ مِثْلَ الصيرفيِّ الذي يَنْقُدُ الدرهمَ الزائفَ والبَهْرَجَ، وكذا الحديثُ» (١) .
وروى أبو حاتِمٍ (٢)، عن محمود بن إبراهيم ابن سُمَيْع؛ قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن صَالِحٍ يَقُولُ: معرفةُ الحديثِ بمنزلةِ معرفة الذَّهَبِ والشَّبَه؛ فإنَّ الجَوْهَرَ إِنَّمَا يَعْرِفُهُ أهلُهُ، وَلَيْسَ للبصير فِيهِ حُجَّةٌ إِذَا قِيلَ لَهُ: كيف قلتَ: «إنّ هَذَا بائنٌ»؟ يعني: الجيِّدَ أو الرديءَ. اهـ.
وقال محمد بن عمرو بن العَلاَء الجُرْجاني: حدَّثنا يحيى بن مَعِين؛ قال: «لولا الجَهابذةُ لَكَثُرَتِ السَّتُّوقَةُ (٣) والزُّيوفُ في روايةِ الشريعة، فمتى أحبَبْتَ فهَلُمَّ ما سَمِعْتَ حتى أَعْزِلَ لك منه نقدَ بيت المال، أَمَا تَحْفَظُ قولَ شُرَيْح: «إنَّ للأثرِ جَهابذةً كجَهابِذَة الوَرِق»؟! (٤) .
وقال محمد بن صالح الكِيلِيني (٥): سمعتُ أبا زرعة وقال له رجلٌ: ما الحُجَّةُ في تعليلكم الحديث؟ قال: «الحُجَّةُ أَنْ تسألَني عن حديثٍ له عِلَّةٌ، فأذكُرَ علَّته، ثم تَقْصِدَ ابنَ وارَة - يعني: مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن وارَة - وتسألَهُ عنه، ولا تُخْبِرُهُ بأنك قد سألتَني عنه، فيذكُرَ علَّته، ثم تَقْصِدَ أبا حاتِم فيعلِّله، ثم تُمَيِّزَ كلامَ كلٍّ منَّا على ذلك
_________
(١) "جامع العلوم والحكم" (ص٤٨٤) .
(٢) انظر مقدمة المصنف لهذا الكتاب "العلل" (ص١٨٤) .
(٣) السَّتُّوقَةُ: الدراهم الرديئة المغشوشة. انظر "المُغْرِب" للمطرِّزي (١/٣٨٢) .
(٤) "دلائل النبوة" للبيهقي (١/٣١)، و"الآداب الشرعية" لابن مفلح (٢/١٢٧) .
(٥) انظر: "توضيح المشتبه" (٧/٣٣٨) .
1 / 23