فنال الأغلبية جون سوبيسكي إذ نال 123 صوتا، ونال الكونت تيروفسكي أغنى أغنياء بولاندا 92 صوتا، أما الخمسة والأربعون الباقون فكانوا متفرقين بين النبلاء الآخرين.
وفي الحال أطل الكونت سمولنسكي من شرفة المجلس، ونادى الشعب قائلا: «تم الانتخاب وصار سوبيسكي ملكا على بولاندا.»
وفي هذا الوقت انتشر الخبر في وارسو انتشار الهباء، فقامت لهذا الخبر وقعدت، والبولانديون يصيحون صياح الجذل الفرح المستبشر بالمستقبل، كأن الله ضمن لهم السعادة، ولم يدروا ما خبأ لهم الحظ في صفحات كتابه.
تم الأمر كما أراد الشعب، وتوج سوبيسكي ملكا على بولاندا، ولم يلبث أن أعلن رغبته في اتخاذ قرينة له تشاركه سعادة الحياة، وأن يتقدم له الكونت سمونسكي ليخطب ابنته صوفيا.
فكان فرح الشعب في هذا الوقت مضاعفا؛ فقد اقترن سوبيسكي بصوفيا ملاك وارسو التي يحبها الشعب من كل قلبه، ويريد لها الخير.
أما عن يوم اقترانهما فلا تسل عن فرح الشعب وحبوره بهما.
وعلى كل حال فإن سوبيسكي نال ما تمنى واقترن بصوفيا، فابتدأ يكد لسعادة مملكته. وكيف لا وهو مدين لها بحياته وعزه وشرفه، ونجاحه في غرامه؟
كيف لا يكد ليرقيها وسعادتها مرتبطة بسعادته؟ إذا سقطت سقط، وإن ارتقت ارتقى، والملوك بأممهم، فكان سوبيسكي في حياته مثالا للملك العادل المحب لرعيته، المتفاني في إحيائها، المرخص حياته وكل ذلك في سبيل ارتقائها.
أما الشعب فقد كان في مدة حكمه غارقا في الرفاهية والعز، لا يقاسي آلاما كالتي كان يقاسيها في الزمن الماضي، فقلل الضرائب والجبايات، وسعى سعيه المشكور في إقامة جيش يدافع عن المملكة وحدودها.
وأقام على ولايات مملكته ولاة ممن على مشربه، اتخذوا العدل ديدنا لهم، فسعدت العباد، واستراح الشعب، وكنت إذا جلت في بولاندا لا تسمع إلا آيات المدح تنظم عقودها في ذلك المليك الذي لم يترك لحظة تمضي من حياته دون أن يسعى ليريح أمته، ويهيئها لأن تكون مملكة قائمة برجالها.
Неизвестная страница