Чарльз Дарвин: его жизнь
تشارلز داروين: حياته
Жанры
عزيزي هكسلي
حين قرأت مساء أمس عدد اليوم السابق من صحيفة «ذا تايمز»، ذهلت بالعثور على مقالة رائعة عن كتابي. فمن يمكن أن يكون كاتبها يا ترى؟ أتحرق فضولا لمعرفة ذلك. لقد تضمنت ثناء لمس قلبي حقا، وإن كنت لست مغرورا بما يكفي لأظن أنني أستحقه تماما. المؤلف رجل أدبي وباحث ألماني. قرأ كتابي بإمعان شديد، لكن الشيء اللافت جدا أنه يبدو عالما متبحرا في التاريخ الطبيعي. إنه يعرف كتابي الذي ألفته عن البرنقيلات، ويقدره أشد التقدير. وعلاوة على ذلك، يكتب ويفكر بإقناع ووضوح استثنائيين جدا، بل والأندر أن أسلوب كتابته ثري ببديهة طريفة مبهجة. لقد ضحكنا كلنا من أعماق قلوبنا على بعض الجمل. إنني أتعجب للغاية من هؤلاء الأشخاص غير العقلانيين الذين لا يعرفون شيئا عن الموضوع ويرون أنه من الملائم الانحياز إلى أحد الجانبين.
30
من قد يكون يا ترى؟ كان يجدر بي بالطبع أن أقول إنه لا يوجد سوى رجل واحد في إنجلترا قد يكتب هذه المقالة، وإنك «أنت» هذا الرجل. لكني أظن أنني مخطئ، وأن لدينا عبقريا خفيا شديد البراعة. فأنى لك أن تتمكن من إقناع «جوبيتر أوليمبيوس» بتخصيص ثلاثة أعمدة لنشر محتوى علمي خالص؟ سيظن الرجعيون المسنون أن الدنيا شارفت على الانتهاء. حسنا، أيا كان هذا الرجل، فقد قدم خدمة عظيمة للقضية، أعظم بكثير من مجموعة من المقالات التحليلية في الدوريات المعتادة. فأنا أرى أن سموه فوق التحيزات الدينية الشائعة، والسماح بنشر مثل هذه الآراء في صحيفة «ذا تايمز»، أهم شيء على الإطلاق، بغض النظر عن مسألة الأنواع بحد ذاتها. فهلا تخبرني، من أجل الرب، بهوية هذا الكاتب إذا تصادف أنك «تعرفه»؟
تقبل أصدق التحيات يا عزيزي هكسلي من صديقك المخلص
سي داروين [لن يكفي حيز ضئيل لتقديم فكرة وافية عن مقالة السيد هكسلي في صحيفة «ذا تايمز» بتاريخ 26 ديسمبر. فهي مصممة تصميما مثيرا للإعجاب، من أجل أن تؤكد أحقية كتاب «أصل الأنواع» في الإنصات إليه باحترام، وتنأى بنفسها عن أي شكل من أشكال الدوجماتية في تأكيد صحة المذاهب التي تؤيدها في تلك المسألة. يمكننا الآن الاستشهاد ببضع فقرات منها: «يبدو لنا بلا جدال أن هذه الفرضية العبقرية تمكننا من تقديم سبب للعديد من حالات الشذوذ الجلية في توزيع الكائنات الحية عبر الزمان والمكان، وأنها لا تتعارض مع ظواهر الحياة والتكوين الأساسية.» ويواصل السيد هكسلي المضي قدما ليوصي قراء كتاب «أصل الأنواع» بأن يتبنوا حالة من «التشكك النشط»: وهي حالة من «شك يعشق الحقيقة إلى حد أنه لا يجرؤ على أن يستريح مؤقتا في تشكيكه، ولا على إخماد نفسه بتصديق اعتقاد لا مبرر له.» وتتناقض الفقرة الأخيرة تناقضا صارخا مع البروفيسور سيجويك وفرضية «حبال الفقاعات» التي ذكرها. إذ كتب السيد هكسلي قائلا: «إن السيد داروين يكره التخمينات المجردة مثلما تكره الطبيعة الفراغ. ثم إن نهمه للحجج والحالات المشابهة السابقة يضاهي نهم أي محام دستوري لها، وكل المبادئ التي يرسيها قابلة للرصد والتجربة. ويدعي المسار، الذي يطلب منا اتباعه، أنه ليس مجرد سبيل عرضي سطحي، بل جسر راسخ واسع من الحقائق. وإذا كان كذلك حقا، فسوف يحملنا بأمان فوق العديد من الفجوات الموجودة في معرفتنا، ويقودنا إلى منطقة خالية من فخاخ العلل الغائية، تلك العذارى الفاتنات العاقرات التي حذرتنا منها مرجعية عليا موثوقة، وكانت محقة تماما في ذاك التحذير.»
لا شك أن ظهور هذه المقالة القوية في الجريدة اليومية الرائدة، كان له تأثير قوي بكل تأكيد في جمهور القراء. وقد سمح لي السيد هكسلي بأن أقتبس من أحد الخطابات كلامه عن الصدفة السعيدة التي ألقت بين يديه فرصة كتابة هذه المقالة. «أرسلت نسخة كتاب «أصل الأنواع» إلى السيد لوكاس، أحد العاملين بصحيفة «ذا تايمز» آنذاك في إطار سير العمل الطبيعي، على ما أظن. ومع أن السيد لوكاس كان صحفيا ممتازا، ثم صار في وقت لاحق محررا لمجلة «وانس إيه ويك»، فقد كان بريئا من أي معرفة بالعلوم كطفل رضيع، وندب حظه لأحد معارفه بسبب اضطراره إلى التعامل مع كتاب كهذا. وعندئذ، أوصاه أحدهم بأن يطلب مني إخراجه من ورطته، ومن ثم تقدم إلي بطلبه، لكنه أوضح لي أن الضرورة ستحتم عليه من الناحية الرسمية أن يصدق على أي شيء قد أرغب في كتابته، وذلك بأن يصدره بمقدمة تمهيدية من فقرتين أو ثلاث من وحي قريحته.
كنت متلهفا جدا على اغتنام هذه الفرصة التي عرضت علي هكذا لأمنح الكتاب فرصة عادلة أمام الكم الهائل من قراء جريدة «ذا تايمز»؛ فلم أشترط أي شيء بخصوص شروط كتابة المقالة، ولما كنت منخرطا للغاية في التفكير في الموضوع، وأعتقد أنني كتبت هذه المقالة أسرع مما كتبت أي شيء آخر في حياتي، وأرسلتها إلى السيد لوكاس، الذي أضاف في بدايتها فقرته الاستهلالية حسب اتفاقنا السابق.
وعندما ظهرت المقالة، نشأت تكهنات كثيرة حول هوية كاتبها. تسرب السر مع مرور الوقت، كما تتسرب كل الأسرار، لكني لم أسهم في ذلك، ثم اعتدت أن أستمد قدرا كبيرا من التسلية البريئة من التأكيدات الحادة المتحمسة التي كان يطلقها بعض من أذكى أصدقائي، قائلين إنهم كانوا يعرفون من الفقرة الأولى أن المقالة من تأليفي!
ونظرا إلى أن صحيفة «ذا تايمز» أشارت منذ بضع سنوات إلى صلتي بالمقالة، فأظن أن نشر هذه القصة التاريخية الصغيرة لن يكون انتهاكا للثقة، هذا إذا كنت ترى أنها تستحق الحيز الذي ستشغله.»]
Неизвестная страница