45

Характеристики победоносной секты и её концепции

صفات الطائفة المنصورة ومفاهمها

Издатель

مؤسسة قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع

Номер издания

الثانية

Год публикации

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Место издания

الجيزة - مصر

Жанры

بل إن رسول الله ﷺ لَمَّا شرع في القنوت بلعن الكفار، أنزل الله قوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨] .. فتدبر. و«المتأمل لهذه الآية: ﴿ليس لك من الأمر شيء﴾، لا يجد فيها نهيًا صريحًا، وإنما يجد أدبًا رفيعًا، ومنهجًا قويمًا، في معالجة قضية النصر والهزيمة، فإن الآية نزلت في سياق أُحد، وما حصل في أحد، فتأثر المسلمون لما حصل تأثرًا بليغًا، وراح رسول الله ﷺ يلعن بعض الكافرين، ويقول: «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم؟» وكأنه ﷺ قطع طريق الهداية على أولئك النفر الذين فعلوا ما فعلوا، وخشية أن يعتقد المسلمون أن السبب الأول والرئيس للهزيمة، هو: هؤلاء الملعونون، وليس مخالفة الرسول ﷺ والتنازع؛ أنزل الله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨]. ثم ذكر الله بعد ذلك الأسباب الحقيقة الكامنة وراء الهزيمة. فقال سبحانه: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ ...﴾. فهذه هي الأسباب الحقيقية وراء هزيمتكم، فلا ينفعكم لعن فلان لجلب نصرٍ، ولا استبعاد الهداية عن فلان لدفع هزيمة» (١). ولو كان النصر بكثرة الكلام عن الكفار ولعنهم، لكان المسلمون المعاصرون أكثر الناس قوة، وأكثرهم نصرًا. ثانيًا: فيه تعظيم للكفار في نفوس المسلمين، وأنهم وراء كل مصيبة تحل بالمؤمنين، مما يزيد هيبةَ الكفار في نفوس المسلمين رهقًا.

(١) من كتاب «أحكام القنوت» ص ٦٧ للمؤلف.

1 / 45