وامتد أسرهم ذاك لسنوات سبع، لم ينسوا فيها يوما موطنهم نجدا، فتحدثوا بجمال نجد وحرية نجد، كما عبر مرعي عن هذا الحب ضارب الجذور في روحه عبر مناجاته لمعشوقته سعدى ابنة الزناتي:
يا سعدى نجد العريضة مريه
ربيت بها أهل وكل جدودي
بلدي ولو جارت عليه مريه
وأهلي ولو شحت عليا تجود.
وهكذا نجحت الفتيات الثلاث - عزيزة وسعدى ومي - في الإبقاء على محبيهم الثلاثة، يونس ومرعي ويحيى ، في أسر السجن الملحق بقصر عزيزة الأسطوري الفاخر، وإقناع حكام تونس وفارسها خليفة الزناتي، بإطلاق سراح خالهم أو عبدهم المسن، أبي زيد الهلالي، ليعود إلى نجد والعودة بفديتهم، فما كان منه إلا العودة بجحافل جيوش بني هلال التي أوقعت الحصار الشهير لبوابات تونس السبع، لحين اقتحامها وقتل دياب بن غانم لخليفة الزناتي، وفتح المغرب العربي عامة حتى الأندلس التي حكمها أبو زيد الهلالي.
الهلالية بين التاريخ والفولكلور
ومن المفيد هنا التعرض للبناء الرئيسي الذي عنه استقلت «بالادا» أو «بالادة» حسب تسمية العرب الكلاسيكيين لقصص الحرب والحب الشعرية مثل «عزيزة ويونس» هذه، فمن المفيد التعرف بإلمامة سريعة بهذه السيرة السياسية الكبرى - الهلالية - وموقعها ما بين التاريخ الفعلي والفولكلور.
وتلقي مخطوطة مكتبة المتحف البريطاني الرئيسية للسيرة بالمزيد من الضوء على متابعها وأحداثها الهائلة التي شملت جغرافية الشرق الأوسط عامة عبر حلقاتها الرئيسية الثلاث، التي هي في عداد ثلاث سير متتابعة، أولها يضرب في العصور التي تعارفنا عليها بالجاهلية السابقة لظهور الإسلام، والتي قد تصل بنا إلى بضعة قرون.
إذ تغطي الحلقة الأولى للسيرة بدء تواجد العرب الهلاليين التاريخي في الجزيرة العربية، وهجرتهم الأولى إلى الأردن وفلسطين أو بلاد السرو وعبادة.
Неизвестная страница