يحرمك الملك من نعمة الصداقة الحقيقية، ومن تمييزها إن وجدت! ما دامت شبهة التملق تغشي على المشهد كله، فيا له من حرمان.
أي سلطة هذه التي تبث الخوف في نفوس أصحابها؟ إن رغبت فيها لم تمنحك الأمان، وإن رغبت عنها لم تتركك وشأنك؟ ولن ينفعك إذاك أي صديق ربطته بك ثروتك لا فضيلتك، فصديقك في السراء ينقلب عدوا في الضراء، وليس أقدر على إلحاق الأذى من صديق انقلب عدوا، ذلك أنه يعرف مواطن ضعفك ... يعرف أين ثغرتك، وأين مقتلك و«كعب أخيلك»!
لذات الجسد «وماذا أقول عن لذة الجسد؟ إن السعي إليها محفوف بالهم، والشبع منها مملوء بالندم، كم أورثت أجساد المتهالكين عليها من أسقام وتباريح، وكأنها ضرب من عقاب الإثم ... أي سعادة في الشهوات إذا كان الأسى هو نهاية اللذة؟ يعرف ذلك كل من يتجشم استعادة ذكرى انغماساته.»
وربما يكون مرد الكآبة التي تعانيها كل الكائنات عقب قضاء الوطر هو إحساس الكائن بأنه خدع ... بأنه بخس ... بأنه استدرج! لكأن الطبيعة كانت تقضي به مأربها لا مأربه!
المكيدة الكامنة في صلب الحياة هي أن لذة الإشباع تأتي دائما أقل بكثير مما وعدنا به الجوع!
تأمل السماء إذن، تأمل قبة السماء اللانهائية المرصعة بالنجوم، ثم جرب أن تسلك شئونك وشجونك في هذا السياق الكوني الكبير، وأن تنظر إليها بعين الفلك الدوار، ستدرك على الفور أنها أضحوكة، وأنها أهون عليك وعلى الكون من أن توزن، ثم تململ وانفضها عنك كما تنفض هباءة، واستأنف وجدك بهذا الملك العريض.
خطأ تقسيم البسيط
أين مكمن الخطأ هنا؟
لماذا يضل الناس عن طريق السعادة الحقيقية، الذي تهدي إليه الفطرة ذاتها، إلى ترهات لا تفضي إلى شيء؟!
يكمن خطأ الإنسان في أنه «يأخذ ما هو بسيط وغير قابل للقسمة ويحاول تقسيمه، فيحيل حقيقته إلى زيف وكماله إلى نقص ... حين يعمد البشر بحماقتهم إلى تقسيم ما هو بطبيعته واحد، وإلى تحصيل جزء من شيء لا أجزاء له، فإنهم لا يحصلون على الجزء الذي لا وجود له، ولا على الكل الذي يولونه اهتماما.»
Неизвестная страница