وحظي من الترجمات والتعليقات بما لم يحظ به أي كتاب آخر، واضطلع بترجمته شخصيات راجحة في ميزان التاريخ، ويكفي أن نقول إن من بين مترجميه الملك ألفرد الأكبر، والشاعر جيفري تشوسر، والملكة إليزابيث الأولى.
عندما نفي دانتي أليجييري من فلورنسة رجع إلى كتاب «عزاء الفلسفة» واستلهمه في كتابة تحفته الخالدة «الكوميديا الإلهية». ولقد وجد العزاء في «العزاء»، ولولاه لانتحر مثلما فعل بير دل فينيي، الذي لقيه دانتي في «الجحيم»، وكان أيضا قد اتهم ظلما غير أنه استسلم لليأس وبخع نفسه، وعندما قابل دانتي روح بوئثيوس في «الفردوس» قال عنه إنه أتى:
إلى هذا السلام ...
من المنفى والشهادة.
الكوميديا الإلهية، الفردوس 10، 128-129
الكتابة الرومانية
هذا العمل الكلاسيكي من أدب السجون يحمل كل ملامح الكتابات الفلسفية الرومانية الكبرى، وقد صاغه المؤلف في هيئة حوار بين السجين «بوئثيوس» والسيدة «الفلسفة»،
3
فكان نموذجا للميسم الروماني الفذ في دمج الطلاوة الأدبية بالفلسفة التكنيكية، فإذا كانت الفلسفة اليونانية أكاديمية نظرية في مجملها، فإنها حين غرست في روما صارت منهج حياة (هكذا كانت الرواقية على سبيل المثال)، وكثيرا ما يقال: إن الفلسفة في روما كانت فلسفة تلفيقية غير أصيلة، ولعل الأصوب أن نقول: إن العنصر الروماني الأصيل هو صياغة الفلسفة في أشكال يمكن أن تتعامل تعاملا مجديا مع المشكلات الإنسانية اليومية الخطيرة والدائمة.
4
Неизвестная страница