Утешение философией

Кадил Мустафа d. 1450 AH
193

Утешение философией

عزاء الفلسفة

Жанры

فإذا كان الله يرى كل شيء مسبقا ولا يمكن أن يخطئ بأية حال، فإن ما استبقته العناية كحدث مستقبلي لا بد له من أن يحدث، وإذا كانت العناية تعلم منذ الأزل أفعال البشر بل وأفكارهم أيضا ورغائبهم، فلن تكون ثمة حرية إرادة، لن يتسنى وجود أي فعل أو رغبة غير ما رأته عناية الله المعصومة رؤية مسبقة؛ لأنه إذا أمكن لهذه الأفعال أو الرغبات أن تتغير وتختلف عما سبق في رؤية الله لانتفى يقين علم الله بالمستقبل واختزل إلى مجرد ظن غير يقيني، وهو ما لا يليق قوله عن الله.

وأنا لا أوافق على الحجة التي يظن البعض أن بإمكانهم بها أن يقطعوا هذه العقدة الجوردية،

2

فهم يقولون بأن الحدث المستقبلي لا يحدث ضرورة لأن العناية رأته مسبقا، بل النقيض: أن ما سيحدث ضرورة لا يمكن أن يخفى على العناية الإلهية، وبذلك تتجه الضرورة في الاتجاه المعاكس: أي ليس بالضرورة أن ما سبقت رؤيته لا بد أن يحدث، بل إن ما قضي أن يحدث لا بد بالضرورة أن يرى، وكأن المهم هو: ما هو السبب: هل المعرفة المسبقة بالمستقبل هي السبب في ضرورة الأحداث، أو أن ضرورة الأحداث تسبب المعرفة المسبقة؟ ولكن ما أحاول توضيحه هو أنه أيا ما كان نظام الأسباب فإن قدوم الأشياء المعلومة مسبقا هو ضروري حتى لو كان سبق العلم بها لا يفرض أي ضرورة عليها.

فإذا كان رجل جالسا، فإن الرأي الذي يذهب إلى أنه جالس هو رأي صادق بالضرورة، ومن جهة أخرى: إذا كان الرأي في الرجل صادقا، لأنه جالس، فإنه لمن الضرورة أن الرجل جالس، ثمة ضرورة إذن في كلتا العبارتين: في الأولى أن الرجل جالس، وفي الثانية أن الرأي صادق، ولكن ليس لأن الرأي صادق يكون الرجل جالسا، بل إن الرأي صادق لأنه مسبوق بفعل الجلوس من الرجل، إذن، رغم أن «سبب» الصدق يتجه من جانب واحد فإن ثمة «ضرورة» مشتركة في كلا الجانبين.

من الواضح أن الاستدلال نفسه ينطبق على العناية وأحداث المستقبل: فحتى لو كان وجه الأمر أن أحداث المستقبل ترى مسبقا لأنها سوف تحدث لا أنها تحدث لأنها ترى مسبقا، فإن من الضروري رغم ذلك أنه إما أن أحداث المستقبل ترى مسبقا من الله وإما أن الأشياء المرئية مسبقا تحدث كما ترى، وهذا وحده كاف لنفي حرية الإرادة.

ولكن كم هو محال أن نقول إن وقوع الأحداث الزمانية هو سبب العلم الأزلي المسبق! ومع ذلك فإن القول بأن الله يرى المستقبل لأنه مقدر أن يحدث ليس شيئا غير القول بأن الأحداث التي تجري مجرى واحدا فردا هي سبب تلك العناية العليا.

فضلا عن ذلك، مثلما أنني حين «أعرف»

3

حقيقة حاضرة فإن تلك الحقيقة لا بد أن تكون كذلك، فإنني أيضا حين «أعرف» بشيء سيحدث فإن ذلك الشيء لا بد من أن يجيء، هكذا يترتب أن وقوع الحدث المعروف مسبقا هو أمر لا يمكن تفاديه.

Неизвестная страница