Утешение философией

Кадил Мустафа d. 1450 AH
173

Утешение философией

عزاء الفلسفة

Жанры

وكذلك الحال مع الأشرار، فحقيقة أنهم أيضا تنالهم الضراء أحيانا وينالون رغباتهم أحيانا أخرى مردها إلى نفس الأسباب، فإذا أصابهم الضر فلا عجب فالكل يسلم بأنهم يستحقونه، وعقابهم يردع الآخرين عن الجريمة من ناحية ويقوم من ينزل بهم من ناحية أخرى، أما إذا سعدوا بتحقيق رغائبهم فتكون تلك حجة للأخيار حول صنف الحكم الذي ينبغي أن يحكموا به على مثل هذه السعادة التي كثيرا ما يرونها تلازم الأشرار.

وهناك شيء آخر يبدو لي محكم التدبير: فقد يكون ثمة شخص ذو طبع جموح واندفاعي بحيث يمكن أن يدفعه الفقر والعوز إلى ارتكاب الجرائم، مثل هذا المرض لدى هذا الشخص تداويه العناية بجرعة من الثروة يجمعها ويضن بها، وهو قد يرى ضميره ملوثا بالإثم ويقارن بين استحقاقه وبين الثروة التي أصابها فيداخله خوف من فقدان هذه الثروة التي يتمتع بامتلاكها، فيبدأ في تغيير أسلوبه ويحيد عن الشر خشية أن يخسر هناءه.

والبعض يفضي به سوء استخدامه للثروة إلى تدمير نفسه دمارا يستحقه، والبعض يخوله القدر حق معاقبة الآخرين لكي يكون سببا لامتحان الأخيار وعقاب الأشرار، فمثلما لا يوجد اتفاق بين الأخيار والأشرار، كذلك لا اتفاق بين الأشرار فيما بينهم، ولا مناص من ذلك ما دام الواحد منهم موزع الضمير بسبب آثامه، وكثيرا ما ينقلب على نفسه ويفعل أشياء يرى فيما بعد أنه ما كان ينبغي أن يفعلها.

هكذا تمارس العناية تأثيرا لافتا: وهو أن الأشرار قد يحولون بعض الأشرار أخيارا! وذلك حين يحس هؤلاء بأنهم ظلموا على يد من هو أخبث منهم فيكرهون الظلم ويقررون أن يتوبوا عنه ويعودوا إلى الفضيلة.

إنه بقدرة الله، وقدرة الله وحدها، قد تكون الشرور خيرا أيضا، وذلك حين يصرفها الله تصريفا يحقق نتائج خيرة، ذلك أن هناك نظاما صارما يشمل الكل، وكل ما يحيد عن النظام المحدد له يعود فيرد إلى النظام، وإن في سياق مختلف، بحيث لا يبقى مكان للمصادفة في مملكة العناية.

ولكن كما جاء في الإلياذة لهوميروس: «من المتعذر علي أن أبسط كل هذه المسائل كما لو أنني إله»، ولا هو بمتاح للإنسان أن يستوعب في عقله كل طرائق الله ووسائله في تصريف الأمور، ويعبر عنها بالكلمات، وبحسبنا أن نرى أن الله، خالق كل شيء، يدبر الأشياء جميعا ويسوقها إلى الخير، ويدفع الخلق دفعا على أن يتشبه به ويعنو لسنته، وبسلاسل الضرورة المقدرة ينفي الشر من حدود مملكته، تظنون أن الشر يملأ الأرض، ولكن لو أمكنكم أن تنظروا بمنظار العناية الإلهية لما وجدتم له على الأرض أثرا!

ولكني أرى أنك قد أثقل عليك بعبء هذا السؤال، وأرهقت من متابعة استدلالي المسهب، وشاقتك حلاوة النغم، فإليك منه جرعة تنعشك وتجدد قواك وتجعلك أقدر على مواصلة المسير.

إذا أردت أن ترى سنن الله،

3

وتفقهها بذهن صاف،

Неизвестная страница