كان أوفر اختصاصا ، وفي العود كل ما تأخر كان أعلى مكانا.
وإلى البدء أشير بليلة القدر ، وإنزال الكتب ، وإرسال الرسل المعنويين ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ) (1).
وإلى العود بيوم القيامة ، والمعراج المعنوي ( تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) (2).
وعنهما عبر في الأخبار بالإقبال والإدبار ، قال مولانا الصادق عليه السلام : «إن الله خلق العقل ، وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش ، من نوره ، فقال له : أدبر ، فأدبر ، ثم قال له : أقبل ، فأقبل ، فقال الله تعالى : خلقتك خلقا عظيما ، وكرمتك على جميع خلقي ، قال : ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ، ظلمانيا ، فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل ، فلم يقبل ، فقال له : استكبرت ، فلعنه» (3)، ثم ذكر عليه السلام جنود العقل من الخيرات ، وجنود الجهل من الشرور.
والمراد بالجهل ما يقابل العقل ، تقابل التضاد الشبيه بتقابل العدم والملكة ؛ لأنه وجودي شبيه بالعدمي ، حيث هو وجود للعدم ، كما يأتي تحقيقه في بيان معنى الألم من مباحث الخير والشر.
فالجهل تابع للعقل ، متميز به ، فوجوده بالعرض من غير صنع ، وإدباره تابع لإدبار العقل وإقباله جميعا ، وإنما لم يقبل ؛ لأنه بالإدبار بلغ أقصى مراتب الكمال المتصور في حقه ، ولهذا استكبر ، وسنبرهن على وجوب هذا الترتيب نزولا وصعودا فيما بعد إن شاء الله.
Страница 76