Возвращение чёрной смерти: самый опасный убийца всех времён
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Жанры
هذه استهانة بتأثير الموت الأسود. لقد اكتشفنا الإيدز منذ 20 عاما، وخلال هذا الوقت انتشر ببطء في أنحاء العالم. وإجمالي عدد وفيات الإيدز بعد هذه المدة الذي بلغ 40 مليون نسمة هو جزء بسيط فحسب من عدد سكان العالم اليوم الذي يبلغ مليارات. علاوة على أنه، بفضل العلم والطب الحديثين، أصبح مرض نقص المناعة البشرية/الإيدز مفهوما تماما، ويمكن الاستدلال على وجوده بفحص عينات الدم. فلا هلع ولا غموض حول المرض؛ إذ نعلم أنه ينتقل من خلال الجماع الجنسي غير الآمن، ويمكن وقف انتشار الإيدز من خلال تغير واع مستنير في السلوك الاجتماعي.
وعلى النقيض، أطاح الموت الأسود في ضربة واحدة بنحو نصف سكان أوروبا، وظل يضرب مرارا وتكرارا على مدار الثلاثمائة عام التالية. وكان الناس عاجزين تماما أمامه.
ولأن الدمار الذي سببه الموت الأسود فاق قدرة الناس على الاستيعاب، فإنهم قبلوا بلا أدنى تشكك المرسوم الذي أصدره البابا والكنيسة يعلنان فيه أن هذا الابتلاء هو عقاب من الله على كثرة خطاياهم، كما رأينا في بنريث. راج هذا المرسوم غير المجدي طيلة الثلاثمائة سنة التالية وبعدها. ذكر الكاردينال بول كورديس، رئيس مكتب الفاتيكان للمساعدات الإنسانية، في رسالة الصوم الكبير التي كان يقدمها نيابة عن بابا الفاتيكان في فبراير 2002، أن هناك سلطانا إنجيليا لفكرة أن أولئك الذين يصابون بالأمراض يحدث لهم ذلك لأنهم أخطئوا؛ فقد أكد أن المرض هو عقاب على الخطايا، وأن الأفراد لديهم رغبة فطرية لأن يكونوا أصحاء ويظهروا بمظهر جيد. (2) ماذا عن الناجين من الموت الأسود؟
بعدما أيقن الناجون أن الطاعون رحل عن مدينتهم - في الغالب بعد انقضاء نحو ثمانية أشهر من وصوله - لا بد أنهم تنفسوا الصعداء وكانوا على أعتاب عالم مختلف؛ ففي الغالب مات نصف أو ثلاثة أرباع سكان بلدتهم، وعلى حد علمهم حينها، كانت نفس القصة تنطبق في كل مكان آخر؛ فقد كانت هناك روايات لا حصر لها عن مدن الأشباح؛ حيث كان الناس في كرب شديد، لكنهم كانوا في الوقت نفسه يحاولون أن يلموا شتات أنفسهم وأن يبدءوا حياتهم من جديد.
لقد انهار النظام القديم، وكان هناك الكثير من العمل الذي يتعين على الناس القيام به. بداية، تعين على الأفراد أن يعثروا على طعام؛ لأن الزراعة أهملت في المقام الأول إبان محنتهم. لم تكن قد حرثت الحقول أو بذرت فيها البذور، وكان متوقعا أن يكون المحصول محدودا ذلك العام. لم يكن هناك قاطفو ثمار ليتم استئجارهم، وحتى الثمار القليلة تعفنت في الحقول. كما أهملت تربية الحيوانات وكثير من البهائم شردت أو فقدت.
بعد ذلك تعين التخلص من النفايات المرعبة؛ إذ كان لا بد أن يستمر دفن الجثث التي لا يزال بعضها متعفنا في المنازل أو الحقول. هل كانت هذه الأجساد لا تزال معدية؟ هل كان يمكن الإصابة بالمرض من ملابسهم أو من منازلهم التي ماتوا فيها؟ لم يكن مجديا تمني إغاثة خارجية؛ فالجميع كان في نفس القارب، وسيحتاج الأمر وقتا طويلا قبل أن يبدأ أي شخص في موضع سلطة في حل المشكلة.
الأمر الجدير بالملاحظة أنه بعد أن مات نحو 50 بالمائة من السكان على جناح السرعة، سرعان ما تعافت أوروبا؛ إذ زحف الناس من الريف الذي لم يصبه الطاعون، وشغلوا المساحات الفارغة وفلحوا الأراضي القابلة للاستزراع وشغلوا المنازل غير المأهولة، وسرعان ما عاد كل شيء إلى طبيعته؛ ظاهريا فقط. (3) ماذا نستنتج عن طبيعة هذا الوباء الكارثي؟
ما الخيوط التي يمكن أن نضيفها إلى دفتر تحرياتنا؟ ثمة القليل نسبيا من المعلومات الموضوعية والكمية التي يمكن قبولها بلا نقاش، إلا أن بعض الاستنتاجات عن الضربة الأولى واضحة. تحرك الموت الأسود من أقصى جنوب أوروبا نحو الشمال، حيث الدائرة القطبية الشمالية المتجمدة غير المواتية للسكنى، التي تبعد نحو 2200 ميل (3500كم)، في أقل من ثلاث سنوات، وهو معدل كبير للغاية في زمن كانت فيه وسائل المواصلات محدودة جدا. عبر الطاعون البحر إلى سواحل شمال أفريقيا وإلى إنجلترا وأيرلندا وإلى جزر بعيدة عن الشاطئ. ظل الطاعون نشطا في إنجلترا إبان الشتاء مع أنه تبين من فحصنا للسجلات الكنسية أنه انتشر على نحو أبطأ في هذا الوقت من السنة.
كان الطاعون عنيفا للغاية بحيث يستحيل ردعه، وقد حصد أثناء تقدمه أرواح نحو نصف سكان العالم الغربي المعروف، مخلفا وراءه حضارة أوروبية مدمرة بالكامل. ولم يتراجع قط، مهاجما من جديد بلدات كان قد ضربها من قبل، مع أنه واصل توغله خلف الخطوط الأمامية؛ فقد تقدم بلا هوادة للأمام وشمالا.
كانت القصة نفسها في كل مكان؛ فكل وباء في كل مدينة اتخذ مسارا مطابقا وروع المواطنين وأثار هلعهم على النحو المتوقع. كان هذا المرض اللعين يفوق تماما قدرة الأفراد على الاستيعاب، وإن كانوا يدركون في الحال أنهم أصيبوا به متى احتكوا بشخص مصاب.
Неизвестная страница