Возвращение чёрной смерти: самый опасный убийца всех времён
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Жанры
من المثير للدهشة أن مجموعة من الأشخاص في إنجلترا كانوا مقاومين للمرض (نحن نعرف السبب الآن)؛ فلم يصابوا بالمرض حتى بعد الاتصال المتكرر عن قرب بالأشخاص حاملي العدوى، بل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن بعض الأشخاص كانوا يصابون بالمرض، لكنهم تعافوا تماما رغم مرضهم مرضا شديدا. كانوا يبرزون من بيوتهم، راجفين ومهازيل، ينظرون إلى العالم المتحول بالخارج. لكنهم ما لبثوا أن صارت لديهم مشكلات ملحة أخرى يقلقون بشأنها.
واحدة من المشكلات التي لم تكن لتخطر على بال، كانت التخلص من جثث الضحايا. أكانت الجثث معدية؟ لقد تطور كل شيء سريعا جدا، لدرجة أن علماء الأحياء الدقيقة الطبيين كانوا عاجزين عن الإجابة على هذا السؤال البدائي. ورفض الأصحاء الاقتراب سواء من الجثث أو المنازل التي مات أصحاب الجثث فيها. هكذا كان الأفراد يجرون الجثث فحسب إلى الحدائق في الضواحي والريف، وفي البداية كان يدفنونها في قبور ضحلة، إلا أنهم سرعان ما أصابتهم حالة من اللامبالاة المخيفة؛ فهم على كل حال سوف يموتون جميعهم ميتة مرعبة، فتركوا الجثث تحت رحمة الظروف المناخية والكلاب الضالة والجرذان. لم يكن هذا خيارا لقاطني المدينة، وبالأخص لأولئك الذين يعيشون في وحدات سكنية في ناطحات السحاب، ففي يأس، كانوا يلقون الجثث هناك إلى الشوارع، ويتركونها لتتعفن، وكانت النتائج تفوق كل وصف.
عندئذ تفشت أوبئة الكوليرا والتيفود في الكثير من البلدات، وخرجت ملايين الجرذان البنية بكل جراءة من المجارير، وكانت على وشك احتلال تلك الأماكن.
بدأت مظاهر الحياة في التوقف تماما، وأغلقت معظم المكاتب والمصانع؛ ونظرا لأن الجميع تقريبا كانوا يعملون في وظائف غير حيوية، لم يمثل ذلك أهمية كبرى، لكن الأمر الكارثي هو أن سبل التوزيع والحصول على المؤن توقفت أيضا.
للتو بدأ التهافت على الشراء وجنون تخزين الغذاء. ارتفعت الأسعار إلى عشرة أضعافها واكتظت الأسواق المركزية بالأفراد الذين كانوا يحاولون تفريغ الأرفف، وهي ظروف مثالية لنشر المرض.
حالما جرى استهلاك هذه الأغذية، لم يتبق هناك سوى مؤن محدودة أخرى، ولم ترس مبادئ ترشيد الاستهلاك لأن الغذاء المتوافر كان محدودا للغاية بحيث تعذر توزيعه، ولم يكن هناك متسع من الوقت لتأسيس بنية تحتية للمؤن والإنتاج الغذائي، وقد كان من المستحيل أن تختبئ وتعزل نفسك؛ لأنه كان لا بد أن تتحرك وتبحث عن أي مصدر للغذاء إن كان مقدرا للعائلة النجاة. وانتشر النهب والسرقات الصغيرة، وطافت العصابات المسلحة بالسكاكين - أو أي أسلحة أخرى طالتها أيديها - في الشوارع، مستولية على أي طعام يمكن أن تجده.
لجأت الكثير من المجتمعات الريفية إلى الذبح الجماعي للخراف والغنم، ولم يكن بيد المزارعين كثير من الخيارات، مع أنهم كانوا يطلقون النار بلا رادع على من يضبطونه. خفف هذا ظروف المجاعة إلى حين، إلا أنه لم يكن ذا نفع كبير لقاطني المدينة؛ إذ لم يكونوا قادرين على بلوغ الريف، وحتى لو تمكنوا من الاستيلاء على خروف، فلم يكونوا ليستطيعوا ذبحه وسلخه وتقطيعه.
أسدت السلطات نصيحة - فيما ينم عن حكمة كبيرة - ما مفاده أن تجمع الناس في مقار أعمالهم يمثل خطورة عليهم، إلا أنه عندما امتنع عمال مصانع الطاقة عن الحضور إلى العمل تدهورت إمدادات الكهرباء. ولم تجد وعود الحكومة بأجور مبالغ فيها للغاية؛ فقد صارت النقود الآن بلا قيمة على الإطلاق. كانت الكهرباء - وليس البنزين - هي شريان حياة هذا الاقتصاد المتطور، ولم يعد حتى بمقدور كثير من الناس تعقيم مياه الشرب بغليها.
انهار نسيج الحياة المعقدة في القرن الواحد والعشرين تماما. لقد ولى منذ زمن طويل الاستقلال والاكتفاء الذاتي الصارمان اللذان عاشهما الأجداد، وبات الناس يحيون حياة مصطنعة تماما بناء على تكنولوجيا الكمبيوتر، التي يحركها الوضع المالي الدولي والاقتصاد العالمي. لقد كانوا محاطين بالتدفئة المركزية، والثلاجات، والتليفزيونات، ووسائل المواصلات السريعة، والأطعمة المعالجة، وأجهزة الميكروويف، ومجموعة من الأجهزة الكهربائية، والصناعات الدوائية. لم تكن هناك مشكلة تعجز التكنولوجيا عن حلها.
كان الناس مهرة في تصفح الإنترنت، إلا أنهم فقدوا رغبتهم الغريزية في البقاء. لقد ابتعدوا عن جذورهم للغاية ولم يعودوا قادرين على تحقيق الاكتفاء الذاتي. لقد اكتظ المكان بهم ومن ثم أنهكوا التربة، وكانوا يعولون بشدة على مؤن الطعام التي تأتي من الخارج. أفراد قليلون في القرن الواحد والعشرين هم من رأوا الطعام في مرحلة إنتاجه، ولعل أطفالا كثيرين اعتقدوا أن الدجاج الذي يتناولونه على طاولة الطعام نشأ تلقائيا في مجمد الأطعمة، ملفوفا بالبلاستيك.
Неизвестная страница