Возвращение к началу
عود على بدء
Жанры
وصرفنى عن الاسترسال فى هذه الخواطر كلام آخر سمعته كان له وقع اللطمة القوية، فقد كان العم يقول: «وما قولك فى أن نجعل هذا العيد مزدوجا؟ إنك تعلمين أنى أنا وأخى عليه رحمة الله أحببناك وتنافسنا عليك. وقد آثرته على واخترته دونى، فنزلت على حكمك، وكنت على حق. فإنه كان خيرا منى. ثم اختاره الله إلى جواره ... فأكرمتك ونزهتك عن الالحاح عليك بحبى لك. وتركت لك هذه المهلة الطويلة - سبع سنوات كاملة - وأحسب أن فى سبع سنوات من الترمل الكفاية. ثم إن سونه يحتاج إلى عنايتنا ورعايتنا وتعهدنا معا، وأنت وحدك لا تقدرين على شىء ...».
ولم أطق أن أسمع غير ذلك.. هذا العم الذى راجعت نفسى فى أمره وأقنعتها بأنه رجل طيب كبير القلب، لم تخطئ فراستى فيه أول ما وقعت عينى على دمامته المجسدة! وهو الان يراود أمى! بل زوجتى ... أى نعم زوجتى التى يموهها الحلم ويزورها، ويلقى فى حجرها صوفا تنسجه، ليوهمنى أنها غيرها وأنها أمى! فيا له - الرجل لا الحلم - من سفيه مستهتر، ومتهتك سادر لا يبالى أن يخطف زوجات الرجال وهم ينظرون - أو يسمعون.. وما أراه يريد أن يتزوجها إلا على مالها، فإنها تبدو ذات ثراء، بل هى كذلك بلا مراء. ويزعم الخبيث المحتال أنه إنما يفعل ذلك رقة على ولدها - الذى هو أنا فيما يتوهم وتتوهم معه - وليقوم حضرته بأمرى. بففف! ولم تبق عندى ذرة من الشك فيما صار أهلا له. وآليت لأكونن أبغض الناس إليه، وأثقلهم عليه، ولأوقدن له نارا تزغرد شعاليلها، ويسطع مريجها، ويضرب لظاها عليه مثل الخباء. وكلما تفرق عنها ما يسعرها، أو خبا شواظها، حششت لها حتى تعود ذات معمعة وقرقعة كضحكته الثقيلة، وحينئذ نرى أيهما يطيب له - الزواج أم الفرار؟
الفصل السابع
وانكفأت إلى غرفتى، وأوصدت بابها، وتذكرت أنى فعلت ذلك بارحة طلبا للنجاة من عبث الولدين - تري كيف هما الان؟ - وأمهما، فصرت إلى هذا الحال المقلوب - أنا الرجل الكبير ارتددت غلاما صغيرا، زوجتى انقلبت أما لى يخطبها لنفسه عم وقح لا يبالى أن لها بعلا متنكرا - بكرهه - فى هذا الاهاب الذى جمعت وضم بعضى إلى بعضى وحشرت فيه، والولدان الحبيبان على الرغم من العفرتة والشيطنة ماذا أصابهما يا ترى؟
وقطعت بضعة فراسخ فى هذه الغرفة الصغيرة، بين جيئة وذهوب، ثم انحططت على السرير من التعب والملل، وإذا بباب الشباك يفتح على مهل وبحذر، والعم أحمد الجناينى يدخل من الفرجة برأسه أولا، ورأى أن ليس معى غيرى فاطمأن ودخلت بقيته، فبادرته أسأله: «بماذا جئتنى»؟
قال: «بجماعة من النمل».
قلت: «نمل؟ وما خير النمل؟ ماذا أصنع به»؟
قال: «إن له لقرصا كلسع النار وكيها.. ثم إنه ما تطلب فى كل مرة».
قلت: «ألم يكن يسعك أن تأتى ببضعة قنافذ حديدة الشوك، أو بما هو خير - عقارب شائلة الاذناب، أو أفعوان خبيث، أو طائفة من الحيات»؟
فبهت الرجل، وتلعثم، ولم يعد يدرى ماذا يقول.
Неизвестная страница