============================================================
24 متكوس متطلع إلى النفس تارة، ومنتصف مستقيم تارة؛ فمن كان العقل فيه منكوسا إلى التفس فرقه فى أجزاء الكون وعدم حسن الاعتدال بذلك وأخطأ طريق الاهتداء.
ومن انتصب العقل فيه واستقام تأيد العقل باليصيرة التى هى للروح بمثابة القلسب، واهتدى إلى المكؤن، ثم عرف الكؤن بالمكون، مستوفئا أقسام المعرفة بالمكون والكون، فيكون هذا العقل عقل الهداية.
فما أحب الله إقباله فى أمر دله على إقباله عليه. وما كرهه الله فى أمر دله على الادبار عنه، فلايزال يتبع محاب الله تعالى ويجتتب مساخطه.
وكلما استقام العقل وتأيد بالبصيرة كانت دلالته على الرشد ونهيه عن الغى وقال بعضهم: العقل على ضربين: ضرب پبصر به آمر دنياه، وضرب يبصر به آمر آخرته. وذكر أن العقل الأول من نور الروح، والعقل الثانى من نور الهداية، فالعقل الأول موجود فى عامة ولد آدم، والعقل الثانى موجود فى الموحدين مفقود من المشركين.
وقيل: إنما سمى العقل عقلا؛ لأن الجهل ظلمة، فإذا غلب التور بصره فى تلك الظلمة زالت الظلمة فأبصر فصار عقالا للجهل.
وقيل: عقل الايمان مسكته فى القلب، ومتعمله (1) فى الصدور بين عينى الفؤاد.
والذى ذكرناه من كون العقل لسان الروح - وهو عقل واحد - ليس هو على ضربين، ولكنه إذا اتتصب، واستقام تأيد بالبصيرة، واعتدل، ووضع الأشياء فى مواضعها.
وهذا العقل هو الفعل المستضىء بنور الشرع؛ لأن انتصابه واعتداله قداة إلى الاستضاءة بنور الشرع، لكون الشرع ورد على لسان التبى المرسل، وذلك لقسرب روحه من الحضرة الإلهية، ومكاشفة بصيرته التى هى للروح بمثابة القلب، بقدرة الله وآياته، واستقامة عقله بتأييد البصيرة، فالبصيرة تحيط بالعلوم التى يستوعبها العقل، والتى يضيق عنها نطاق العقل، لأنها تستمد من كلمات الله التى ينقد البحر دون نفادها.
والعقل ترجمان تؤدى البصيرة إليه من ذلك شطرا، كما يؤدى القلب إلى اللسان بعض ما فيه ويستأئر، بيعضه دون اللسان.
ولهذا المعنى من جمد على مجرد العقل من غير الاستضاءة بنور الشرع حظى بعلوم الكائنات التى هى من الملك ، والملك ظاهر الكاثثات.
(1) متله أى مكان عمنه.
Страница 253