============================================================
الباب الثتانى والخمسون فى آداب الشيخ وما يعتمده مع الأصحاب والتلاميد أهم الآداب : أن لا يتعرض الصادق المتقدم على القوم، ولا يتعرض لاسستجلاب بواطنهم بلطف الرفق وحسن الكلام محبة للاستتباع ؛ فإذا رأى أن الله تعالى ييعث إليه المريدين والمسترشدين بحسن الظن وصدق الإرادة، يحذر أن يكون ذلك ابتلاء وامتحائا من الله تعالى والنقوس مجبولة على محبة إقبال الخلق، والشهرة، وفى الخمول السلامة: فإذا بلغ الكتاب أجله، وتمكن العيد من حاله ، وعلم - بتعريف الله إياه - أنه مراد بالاشارة والتعليم للمريدين ، فيكلمهم حينئذ كلام الناصح المشفق الوالسد لولده بما ينفعه فى دينه ودنياه: وكل مريد ومسترشد- ساقه الله تعالى إليه - يراجع الله تعالى فى معناه(1)، ويكثر اللجأ إليه أن يتولاه فيه، وفى القول معه.
ولا يتكلم مع المريد بالكلمة إلا وقلبه ناظر إلى الله، مستعين به فى الهداية للصواب من القول.
سمعت شيخنا أيا النجيب السهروردى - رحمه الله - بوصى بعض أصحابه ويقول : لا تكلم أحدا من الفقراء إلا فى أصفى أوقاتك.
وهذه وصية نافعة ، لأن الكلمة تقع فى سمع المريد كالحبة تقع فى الأرض.
وقد ذكرنا أن الحبة الفاسدة تهلك وتضيع، وفساد حية الكلام بالهوى، وقطرة من الهوى ثكذر بحرا من العلم ، فعند الكلام مع أهل الصدق والإرادة ينبغى أن يستمد القلب من الله تعالى كم يستمد اللسان من الجنان.
وكما أن اللسان ترجمان القلب يكون قلبه ترجمان الحق عند العبد، فيكون ناظرا إلى الله، مصغيا إليه متلقيا ما يرد عليه، مؤديا للأماية فيه (1) اى فى داخله وأعماقه وباطنه
Страница 216