============================================================
19 والظالبين، وبهذا وصف المحبون، قيل: تومهم نوم الغرقى، وأكلهم اكل المرضى، وكلامهم ضرورة.
فمن نام عن غلية بهم مجتمع متعلق بقيام الليل يوفق لقيام الليل، وإنما النفس إذا طمعت ووطنت على النوم استرسلت فيه، وإذا عجرت بصدق العزيمة لا تسترسل فى الاستقرار.
وهذا الانزعاج فى النفس بصدق العزيمة هو التجافى الذى قسال الله تعالى فيسه: تتجافى جنوبهم عن المضاجع (1)، لأن الهم بقيام الليل وصدق العزيمة يجعل بين الجنب والمضجع تبوا وتجافيا، وقد قيل: للتفس نظران: نظر إلى تحت، لاستيفاء الأقسام العلوية الروحاتية، فأرباب العزيمة تجافت جتوبهم عن المضاجع لنظرهم إلى فوق إلى الأقسام العلوية الرحمانية، فأعطوا النفوس حقها من النوم ومنعوها حظها، فالنفس بما فيها مركوز من الترابية والجمادية ترسب وتستجلس وتستلذ النوم قال تعالى: (هو الذى خلقكم من تراب(2) وللآدمى بكل أصل من أصول خلقته طبيعة لازمة له، والرسوب صفة التراب والكسل والتقاعد والتتاوم بسبب ذلك طبيعة فى الإنسان، فأرباب الهمة أهل العلم الذين حكم الله تعالى لهم بالعلم فى قوله: أمن هوقانت آناء الليل ساجدا وقائما(2) حتى قال: ((قل هل يستوى الزين يعلمون والذين لا يعلمون(1) حكم لهؤلاء الذين قاموا بالليل بالعلم؛ فهم لموضع علمهم أزعجوا التقوس عن مقار طبيعتها ورقوها بالنظر إلى اللذات الروحانية إلى ذرى حقيقتها، فتجافت جنوبهم عن المضاجع وخرجوا من صفة الغافل الهالع.
ومن ذلك: أن يغير العادة، فإن كان ذا وسادة يترك الوسادة، وإن كان ذا وطاء يترك الوطاء، وقد كان بعضهم يقول: لإن أرى في بيتى شيطائا أحب إلى من أن أرى وسادة فإنها تدعونى إلى النوم.
ولتغيير العادة فى الوسادة والغطاء والوطاء تأثير فى ذلك، ومن ترك شيئا من ذلك والله عالم بنيته وعزيمته يتيبه على ذلك بتيسير مارام.
(1) آية رقم 16 من سورة السجدة.
(2) آية رقم 67 من سورة غافر (3) من آية رقم 9 من سورة الزمر (4) من آية رقم 9 من سورة الزمر
Страница 170