============================================================
19 وقد ورد: (امن صلى بالليل حسن وجهه بالنهار)) ويجوز أن يكون لمعنيين؛ أحدهمسا: أن الشكاة تستنير بالمصباح فإذا صار سراج اليقين فى القلب تزهر بكثرة زيست العمل بالليل، فيزداد المصباح إشراقا، وتكتسب مشكاة القالب نورا وضياء.
كان يقول سهل بن عبد الله: ((اليقين نار والإقرار فتيلة، والعمل زيت، وقد قال الله تعالى: لاسيماهم فى وجوههم من أثر السجود(1) وقال تعالى: مثل ثوره كمشكاة فيها ص(1) فنور اليقين من نور الله، فى زجاجة القلب يزداد ضياء بزيت العمل، فتبقى زجاجة القلب كالكوكب الدرى، وتنعكس أنوار الزجاجة على مشكاة القالب، وأيضا، يلين القلب بنار النور، ويسرى لينه إلى القلب فيلين القالب للين القلب فيتشابهون لوجود اللين الذى عمهما. قال الله تعالى: (ثم تلين جلودهم وقلويهم إلى زكر الله (2) وصسف الجلود ياللين، كما وصف القلوب باللين، فإذا امتلا القلب بالنور ولان القالب بما يسرى فيه من الأنس والسرور يندرج الزمان والمكان فى نور القلب، ويندرج فيه الكلم والآيات والسور، وتشرق الأرض القالب بنور ريها إذ يصير القلب سماء والقالب أرضا، ولدة تلاوة كلام الله فى محل المناجاة تستركون الكاثنات والكلام المجيد يكونه ينوب عن سائر الوجود فى مزاحمة صقو الشهود، فلا ييقى حينئذ للنفس حديث، ولا يسمع للهاجس حسيس، وفى مثل هذه الحالة يتصؤر تلاوة القرآن من فاتحته إلى خاتمته من غير وسوسة وحديث نفس، وذلك هو الفضل العظيع.
والوجه الثانى، لقوله عليه الصلاة والسلام: (امن صلى بالليل حسن وجهه بالنهار)) معناه: أن وجوه أموره التى يتوجه إليها تحسن وتتداركه المعونة من الله الكريم فى تصاريفه، ويكون معائا في مصدره ومورده، فيحسن وجه مقاصده وأفعاله، وينتظم فى سلك السداد مسدذا أقواله؛ لأن الأقوال تستقيم باستقامة القلب.
(1) آية رقم 29 من سورة الفتح.
(2) آية رقم 35 من سورة النور.
(3) آية رقم 23 من سورة الزمر
Страница 168