قال: عظيم ... سيحدث ذلك دون ريب ... ولكن فلنؤجل تنفيذه إلى حين.
وألحت عليه الرغبة في هجر الحارة، وجعل يردد رغبته على مسمع من سيدة، وانقبض قلب الفتاة، إنها تعلم يقينا أن حياتها الزوجية تدين ببقائها حتى الآن لعين، وأنه لا يتجاوز الحد في الإساءة إليها حذرا من إغضاب أمه، ولكن أي مصير تلقى إذا انفرد بها في مكان بعيد؟!
لذلك وشت بأفكاره إلى عين ورجتها أن تخفي وشايتها. وتساءلت عين آسفة: أين يجد مثل دارنا؟ ولكنه كره الحارة!
وفكرت لأول مرة في إدخال تجديدات حديثة على هندسة دارها العريقة، وأنفقت بسخاء لتوصل إليها الماء والمجاري والكهرباء حتى عجب عزت من قرارها المفاجئ ... وتساءلت ضاحكة: لم لا؟ ... الدنيا تتغير، وثمة تجديدات تنفع ولا تضر.
ثم سألته بعد حين قليل: هل يروقك الأثاث الحديث؟
فتساءل بفتور: ما أهمية ذلك؟ - أنت شاب وللشباب ميوله، ممكن أن تجيء بقطع حديثة لتحتل مكانها بين الأثاث القديم، وممكن أن نجعل التجديد في حجرتك شاملا. لم لا؟ ماذا يعجبك؟
فرفع منكبيه ولم ينبس، وداخله شك في أن سيدة وشت به، وسألها حال انفراده بها:
فأنكرت بشدة، ولكنه قال بازدراء: نمامة واشية مثل أمك.
وعلمت عين بالشجار فواجهته بالصراحة التي تحبها. قالت له: لا تعذب أم سمير أكثر من ذلك، هذه دارك وقد جددتها إكراما لك، إذا كانت لك رغبة في حياة مستقلة بعيدا عن حارتك فلن أعترض رغبتك، لك الحرية الكاملة، فافعل ما تشاء.
هكذا وجد نفسه مع حريته - مرة أخرى - بلا عائق. وسرعان ما فترت همته وتحرك تردده. كالعادة توقف فوق العتبة. ترى من أين يزحف عليه هذا الشلل؟! أهي حياته الخاصة التي تحولت إلى بلادة ناعسة؟ هل يوجد في عين سر خفي ما زال يجهله؟
Неизвестная страница