إهداء
إلى رافع لواء العلم والأدب، وأحد حماة مجد العرب:
فخامة الشيخ بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية.
فيليب دي طرازي
توطئة
من طالع التواريخ القديمة والحديثة، ووقف على أخبارها وأسرارها وجد أن لكل أمة راقية عصرا زاهيا تألق فيه كوكب مجدها، وأطلق المؤرخون على العصر المذكور لقب «العصر الذهبي»؛ تعريفا له وتمييزا عن سائر عصور تلك الأمة. واشتهر أكثر العصور الذهبية بأسماء الملوك الذين نهضوا بأممهم إلى أعلى ذرى الفلاح والعظمة.
وقد حصرت عنايتي في هذا البحث بكشف النقاب عن «عصر العرب الذهبي» دون سائر العصور الذهبية عند بقية الأمم؛ لأنه فاقها وامتاز عليها من نواح شتى، ذلك ما دعاني إلى وضع هذه النبذة المختصرة التي ألمعت فيها إلى بعض مفاخر العرب ومآثرهم في أيام عزهم. وليس هذا البحث إلا برض من عد مما تسنى لي الوقوف عليه في تواريخ تلك الحقبة الذهبية السعيدة، وهو موضوع مبتكر لم يطرقه كاتب عربي أو غير عربي قبل اليوم. فأرجو أن يفوز عملي برضى أهل البحث وأرباب النقد؛ إنه السميع المجيب وإليه أنيب.
عصر العرب الذهبي
(1) أشهر العصور الذهبية في التاريخ
يطيب لنا أن ندون في ما يلي أسماء أشهر العصور الذهبية التي خلد الكتبة ذكرها، وهي: عصر بريكليس (499-429ق.م) عند اليونان، وعصر أوغسطس قيصر (63ق.م-14م) عند الرومان، وعصر كسرى (531-579م) عند الفرس، وعصر كرلس الكبير أي شرلمان (768-814) إمبراطور المغرب، وعصر الرشيد وابنه المأمون (786-833) عند العرب، وعصر لاون العاشر (1513-1521) بابا رومية، وعصر كرلس الخامس، أعني شرلكان (1516-1555) في إسبانيا، وعصر الملكة اليصابات (1558-1602) في إنكلترا، وعصر لويس الرابع عشر (1643-1715) في فرنسا، وعصر ماري تيريز (1717-1780) في النمسا، وعصر فريدريك الكبير (1712-1786) في بروسيا، وعصر كاترينا الثانية (1729-1796) في روسيا.
Неизвестная страница