وبزهق رفع عبد الله كفه وأهوى بها على الباب المفتوح في ضربة قاصمة، انزعجت لها الدجاجة، وشتتت شمل السكون، وارتفع صوته فارغ الصبر مزعجا هو الآخر يقول: ياللي هنا.
وفتح الباب وخرجت المرأة الصغيرة، وقد ارتدت ثوبا مهلهلا أسود، بينما لفت رأسها بثوبها الكستور الذي كانت ترتديه، ومضت ناحيتنا تتعثر في مشيتها وتقول: اتفضلوا.
وباختصار، وقبل أن تصلنا أو تشرع في الدخول كان عبد الله قد شرح لها السبب في حضورنا، ولدهشتي وجدته قد ضمني إلى البعثة وأخذ يتحدث عنا باعتبارنا «قومسيون طبي المحافظة» وقد جاء «بكامل هيئته».
واستغربت أن تفهم المرأة كل شيء لأول وهلة، لا بد أننا لم نكن أول «قومسيون» ندخل البيت، وإن بدا واضحا أننا آخرهم.
وحين انتهى من إخبارها لم تفعل أكثر من أنها أطرقت مستسلمة، ومرة أخرى قالت: اتفضلوا. - إنتي مراته؟ - أيوه يا سيدي. - وهوه فين؟ - نايم جوه.
وللمرة الثالثة قالت: اتفضلوا.
وبلهجة آمرة قال عبد الله: قدام البهوات، وريهم السكة.
ولكنها بدلا من هذا وقفت لا تعرف ماذا تقول، وأخيرا قالت مشيرة إلى الكنبة في ركن الصالة: بس والنبي، تستريحوا هنا دقيقة، دقيقة واحدة.
ولم نعرف لطلبها هذا سببا، ومع ذلك وجدنا أنفسنا نأخذ طريقا إلى ركن الكنبة، وبينما قررت أن أخضع للأمر الواقع وأجلس آثر شوقي أن يظل واقفا، وبالتالي أجبر عبد الله أن يظل كذلك .
وكانت المرأة قد تركتنا ودخلت الباب الأول، وسمعناها تتحدث دون أن يجيبها صوت، ثم رأيناها تخرج وتختفي في الحجرة الثانية وتحضر شيئا تواريه في ثوبها عنا وتدخل به نفس الباب الأول، وتظل خارجة داخلة، ونحن صامتون نتابعها بأنظارنا، والسكون مخيم لا يقطعه سوى دقات الدجاجة المنتظمة على صفيح «الطشت» وقد أصبح لا يزعجها أو يوقفها عن الدق دخول أو خروج.
Неизвестная страница