والصوت المرتفع لغة المقال وليس لغة العمل الفني؛ فحين يعلو صوت الفنان في عمل أدبي ينقل عمله من قصة أو رواية إلى مقالة أو خطبة.
ولكننا مع ذلك نجد أعمالا كثيرة لأدباء يرتفع فيها صوتهم إلى درجة الإزعاج. وتسقط هذه الأعمال وتمنى بالفشل. والكتاب الذين ترتفع أصواتهم غالبا ما تكون كتاباتهم بتوجيهات صادرة إليهم فيرتفع منهم الصوت ليسمعوا من أصدر التعليمات؛ لأن هؤلاء المصدرين للتوصيات لا يحسنون أن يسمعوا الفن؛ فصلتهم بالفن مقطوعة، وإلا فكيف يصدرون الأوامر إلى الفنانين؟
الشعر وحده هو الذي نستطيع أن نسمح له باللغة المباشرة والنغمة العالية؛ لأن الشعر العربي يعتمد في تراثه على المدح والذم والغزل والهجاء وغير ذلك من أبواب الشعر المعروفة، فحين يأتي الشعراء المحدثون ويسيرون على نفس النهج الذي سار عليه الأوائل فلا جناح عليهم، بل إننا قبلنا هذه النغمة المباشرة في المسرحيات الشعرية التي قدمها شوقي ومن بعده عزيز أباظة، فحين يقول:
اسمع الشعب ديون
كيف يوحون إليه
ملأ الجو هتافا
بحياتي قاتليه
أثر البهتان فيه
وانطلى الزور عليه
يا له من ببغاء
Неизвестная страница