الباب الثاني: صفات العرش وذكر ما يتعلق به
الفصل الأول: صفة العرش وخصائصه
المبحث الأول: خلق العرش وهيئته
...
إن أول صفة نذكرها لعرش البارئ- ﷾ كونه مخلوقا من مخلوقات الله- تعالى-، ذلك لأن كل ما على الوجود هو مخلوق خلقه الله- تعالى- وأوجده، قال الله تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ١، فكل شيء في هذا الكون مخلوق، والعرش من ضمن هذا الكون، فهو مخلوق أيضا.
وسلف الأمة وأئمتها يقولون: إن القرآن والسنة قد دلا على أن العرش مخلوق من مخلوقات الله تعالى خلقه وأوجده، قال تعالى: ﴿هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، فالعرش موصوف بأنه مربوب، وكل مربوب مخلوق، فالعرش مخلوق من مخلوقات الله.
وقد دلت الآيات والأحاديث على أن خلق العرش متقدم على خلق السموات والأرض، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾، فالآية تدل على أن العرش كان موجودا على الماء قبل خلق السموات والأرض، ويؤيد تفسير الآية بهذا المعنى حديث عمران بن حصين- ﵁ الذي جاء فيه أن النبي ﷺ قال: "كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب
_________
١ سورة الأنعام، الآية: ١٥٢.
1 / 69