Карл Поппер: сто лет просвещения
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Жанры
Reduce
الجذب إلى الدفع.
وفي المقابل رفض ديكارت المذهب الذري، فقد كان توحيده بين الامتداد الهندسي وبين الجسمية أو المادية يحول بينه وبين قبول المذهب الذري، وقد أدى به هذا التوحيد إلى حجتين ضد الذرية: فمن الممتنع أن يكون هناك خلاء أو فضاء فارغ؛ لأن المكان الهندسي هو امتداد، أي هو نفس ماهية الجسم أو المادة، ومن الممتنع أن يكون هناك حد نهائي لقابلية الانقسام؛ لأن المكان الهندسي قابل للانقسام إلى ما لا نهاية، وعلى الرغم من ذلك فقد قبل ديكارت، بغض النظر عن نظرية الدفع، كثيرا من الأفكار الكوزمولوجية للذريين (كما فعل أفلاطون وأرسطو من قبل)، أولها جميعا نظرية الدوامات، فلم يكن له بد من قبول هذه النظرية بحكم تعريفه لماهية المادة، فحيث إن هذا التعريف يحتم عليه القول بأن المكان مليء، فكل حركة لا بد أن يكون لها، من حيث المبدأ، طبيعة الدوامة، مثل حركة أوراق الشاي في الفنجان.
والكوزمولوجيا الديكارتية، شأنها شأن كوزمولوجيا الذريين، تصور العالم في صورة آلة ميكانيكية ضخمة ذات تروس: دوامات معشق بعضها ببعض ويدفع بعضها بعضا، وجميع الحيوانات هي جزء من هذه الآلية الميكانيكية الضخمة، كل حيوان هو آلة ميكانيكية تحتية، مثل الدمى الأوتوماتيكية التي تعمل بالماء والتي كانت في زمنه موضة سائدة تزدان بها بعض حدائق النبلاء.
والجسد الإنساني ليس استثناء لهذه القاعدة، فهو أيضا آلة ذاتية الحركة، باستثناء حركته الإرادية، فها هنا يوجد الاستثناء الوحيد في العالم كله، فالعقل الإنساني اللامادي قادر على أن يسبب حركات الجسم الإنساني، وبمقدوره أيضا أن يعي بعض الانطباعات الميكانيكية التي تحدثها القوى الفيزيائية، الضوء والصوت واللمس، في الجسم الإنساني.
من الجلي أن هذه النظرية في التفاعل المتبادل بين العقل والجسم لا تنسجم تماما مع كوزمولوجيا ذات آلية كاملة.
ولكي نلمس ذلك يكفينا أن نقارن بين كوزمولوجيا ديكارت وكوزمولوجيا أرسطو.
فالنفس الإنسانية اللامادية والخالدة في فلسفة ديكارت شبيهة غاية الشبه بالنفس العاقلة أو العقل
Nous
في فلسفة أرسطو، فمن الواضح أن كلتيهما لديها ملكة الوعي بالذات، وأن كلتيهما لا مادية وخالدة، وقادرة على السعي نحو هدف ما عن وعي ودراية، وقادرة على أن تستخدم الجسم كأداة أو عضو لكي يحقق غاياتها.
Неизвестная страница