Карл Поппер: сто лет просвещения
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Жанры
Clinical Observations
التي كان المحللون النفسيون يرون سذاجة أنها تؤيد نظريتهم لا تفترق في شيء عما يجده المنجمون في ممارساتهم من الشواهد اليومية المؤيدة لأقوالهم. وأما بالنسبة لملحمة فرويد عن الأنا والأنا الأعلى والهو، فهي لا يمكنها أن تدعي الصفة العلمية أكثر مما تدعيها حكايات هوميروس التي جمعها من جبال الأولمب، فهذه النظريات تصف بعض الوقائع، غير أنها تصفها كما تفعل الأساطير. إنها تحتوي على تصورات سيكولوجية جد شائقة، ولكن ليس بطريقة قابلة للاختبار.
وقد كنت في الوقت نفسه على إدراك بأن مثل هذه الأساطير يمكن تطويرها فتصبح قابلة للاختبار، وأن كل النظريات العلمية أو جلها من الوجهة التاريخية، قد نشأت عن أساطير. ورب أسطورة قد اشتملت في داخلها على استباقات هامة لنظريات علمية، ومن أمثلة ذلك نظرية أمبدوقليس في التطور بواسطة المحاولة والخطأ، أو أسطورة برمنيدس التي تقول بأن العالم لبنة واحدة ثابتة لا تتغير ولا يجري فيها أي شيء على الإطلاق، فهي إذا أضفنا إليها بعدا جديدا، فإنها تفضي إلى تصور أينشتين عن العالم، الكتلة المصمتة (وهو أيضا لا يستجد فيه شيء على الإطلاق، إذ إن كل شيء فيه بلغة الأبعاد الأربعة محدد مرسوم منذ البداية). هكذا كنت أشعر أننا إذا كنا بإزاء نظرية ما ووجدنا أنها غير علمية أو أنها «ميتافيزيقية» إن شئنا القول، فإن هذا لا يعني أنها غير ذات أهمية أو دلالة، أو أنها «بلا معنى»
Meaningless
أو «هراء»
Nonsense . إنها لا يمكن أن تدعي أنها تستند إلى أدلة إمبيريقية بالمعنى العلمي رغم أنها يمكن بسهولة أن تكون - بمعنى نشوئي ما - نتاجا للملاحظة. (كانت هناك نظريات أخرى جد كثيرة من هذا الصنف قبل العلمي أو العلمي الزائف، بعضها للأسف كان يتمتع بنفوذ مساو للتفسير الماركسي للتاريخ. منها على سبيل المثال التفسير العنصري للتاريخ، وهو مثال آخر لتلك النظريات المبهرة المفسرة لكل شيء والتي تخلب الأذهان الواهنة وتقع فيها موقع الوحي.)
المشكلة إذن التي كنت أسعى لحلها باقتراح معيار القابلية للتكذيب لم تكن هي مشكلة انعدام المعنى أو الدلالة. لا، ولا هي مشكلة «الصدق»
Truth
أو القبول، بل كانت مشكلة رسم خط (بأقصى قدر مستطاع من الدقة) يفصل بين عبارات (أو أنساق عبارات) العلوم التجريبية وبين جميع العبارات الأخرى، سواء كانت هذه عبارات ذات صبغة دينية أو ميتافيزيقية، أو كانت - ببساطة - عبارات علمية زائفة. كانت هذه هي المشكلة الأولى بالنسبة لي وقد أسميتها بعد سنوات (لعل ذلك كان في عام 1928 أو 1929) «مشكلة التمييز»
. كان معيار القابلية للتكذيب هو الحل لمشكلة التمييز، فهو يقول بأن العبارات أو أنساق العبارات، لكي تتصف بالصفة العلمية وتنزل منزلة العلم، ينبغي أن تتحلى بالقدرة على أن تصطرع مع ملاحظات ممكنة أو ملاحظات يمكن تصورها . •••
Неизвестная страница