Карл Поппер: сто лет просвещения
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Жанры
، ولم يكن أي منها مجتمعا رأسماليا مكتمل النمو.
وفقا لنظرية ماركس كان يتعين أن تقوم الثورة على أكتاف البروليتاريا الصناعية. غير أن ماو تسي تونج، وهوشي منه، وفيدل كاسترو رفضوا ذلك جهارا وأقاموا ثوراتهم بنجاح على أكتاف الفلاحين من بلادهم المختلفة.
وفقا لنظرية ماركس هناك أسباب معقدة تحتم على البروليتاريا الصناعية أن تزداد فقرا، وتزداد عددا، ويزداد وعيها الطبقي، ويزداد نزوعها إلى الثورة. ولكن ما حدث على صعيد الواقع هو أن جميع البلاد الصناعية منذ عهد ماركس قد صارت أغنى وأقل عددا وأقل وعيا طبقيا وأقل ميلا إلى الثورة.
وفقا لنظرية ماركس لا يمكن قيام الشيوعية إلا بيد العمال أنفسهم، بيد الجماهير. ولكن الحقيقة أن الحزب الشيوعي لم يتمكن في أي دولة، حتى في شيلي، من أن يحظى بتأييد الأغلبية في اقتراع حر. وحيثما انتزع السلطة الكاملة فقد كان ذلك أمرا مفروضا على الأغلبية بواسطة الجيش، ودائما جيش أجنبي.
وفقا لنظرية ماركس فإن مصير ملكية وسائل الإنتاج الرأسمالية هو أن تتركز في أيد أقل فأقل. ولكن مع تطور شركات رأس المال المشترك توزعت الملكية على نطاق واسع بحيث انتقلت السيطرة إلى أيدي طبقة جديدة من المديرين المهنيين. كما أن ظهور هذه الطبقة هو بحد ذاته بمثابة دحض لتنبؤ ماركس بأن جميع الطبقات سوف تزول حتما وتستقطب إلى طبقتين: طبقة رأسمالية تتقلص على الدوام، وهي التي تملك وتسيطر ولكن لا تعمل، وطبقة بروليتاريا تتمدد على الدوام، وهي التي تعمل ولكن لا تملك ولا تسيطر.
26
وإذا تأملنا النظرية من زاوية أخرى، نجد أن ما قاله ماركس وإنجلز عن معظم العلوم قد عفا عليه الزمن، وقضت عليه التطورات اللاحقة في هذه العلوم، فقد قضت فيزياء ما بعد أينشتين على نظريتهما في المادة. وقضت سيكولوجيا ما بعد فرويد على فهمهما للسلوك الفردي. وقضى علم الاقتصاد الجديد على الاقتصاد الريكاردي الذي تأسست عليه النظرية الماركسية. وقضى منطق ما بعد فريجه على المنطق الهيجلي الذي قامت عليه النظرية. أما تصورهما للتطور المستقبلي للنظم السياسية فلا يشبه النظم الحالية من قريب أو بعيد، وذلك لأنهما لم يأخذا نمو الديمقراطية مأخذ الجد. وهو فشل فرضته عليهما نظريتهما التي لا تسمح بأي شيء من هذه التطورات الخطيرة.
كل أولئك يشكل دحضا لنظرية تدعي أنها علمية. وهو دحض يتم بالمنهج الأساسي القائم على تعريض التنبؤات لاختبار التجربة وبيان أنها كاذبة. غير أن هذا وإن كان هو المعيار الأساسي ليس هو الصنف الوحيد من الاختبار الذي يتعين على النظرية أن تصمد له، فالنظرية يجب أيضا أن تفي بالمعايير المنطقية الخاصة بالاتساق الداخلي والترابط. ومن الجلي أن الاعتقاد الأساسي للماركسية والقائل بأن نمو وسائل الإنتاج هو المحدد الوحيد للتغير التاريخي، هو اعتقاد غير متسق منطقيا، إذ لا تملك مثل هذه النظرية أن تفسر كيف يتأتى لوسائل الإنتاج أن تنمو فعلا بدلا من أن تبقى كما هي.
البريطانيون يكذبون باستهانة تنبؤات ماركس: كانت الصورة المرعبة التي رسمها ماركس لاقتصاد زمنه صورة صادقة غاية الصدق، غير أن قانونه القائل بأن البؤس يجب أن يزداد مع تكدس رأس المال هو غير صحيح. لقد تراكمت وسائل الإنتاج وزادت إنتاجية العمل زيادة ما كانت تخطر ببال ماركس. غير أن ساعات العمل، وعمل الأطفال، ومعاناة العامل، كل ذلك لم يزدد بل تضاءل. يختصر باركس
الموقف الفعلي في عبارة واحدة: «الأجور المنخفضة، وساعات العمل الطويلة، وعمل الأطفال، كانت هذه سمات الرأسمالية، ليس في شيخوختها كما تنبأ ماركس، بل في طفولتها الأولى.»
Неизвестная страница