Арабы этого времени: страна без владельца
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Жанры
تسيل الدماء في العراق بالمئات كل يوم على مدى أربع سنوات، وكأن المواطن لا وطن يحميه، ولا نظام سياسي يدافع عنه، ولا دولة تعطيه الأمان كما أعطته عبر التاريخ؛ «وا معتصماه».
وتثار النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية فيه لتؤجج نار الحرب الداخلية؛ لتهميش المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الأمريكي، وإبعادها عن الأنظار. ويقتل النساء والأطفال والشيوخ بدك المنازل بدعوى البحث عن رجال المقاومة، ويذبح الجرحى في المساجد؛ فلا حياة للمسلمين ما داموا يحبون الموت، ويعشقون الشهادة، وينالون الحياة الأبدية. ويطلق النار على كل مقاوم كما كان يطلق النار على كل شيء يتحرك في فيتنام؛ فلا مكان للأسرى بالرغم من الاتفاقيات الدولية التي تنظم قواعد الحرب ومعاملة المقاتلين والأسرى.
وتسيل الدماء في فلسطين كل يوم. تخترق المدن، وتدهم المنازل، ويحاصر الأحياء، ويؤسر المقاومون ويؤخذون في العربات المصفحة، والأيدي فوق الرءوس أمام الجند المدجج بالسلاح؛ فالوطن بلا كرامة، والسلطة بلا حضور، والمواطن بلا ستار أو غطاء يحميه. وفي نفس الوقت تطالب المقاومة بالتوقف وبنزع السلاح، والاعتراف بالعدو المحتل دون مقابل إلا بوعود كلامية؛ دولتان متعايشتان، جنبا إلى جنب.
ثم جاءت الصومال، والدول الثلاث العراق وفلسطين والصومال أعضاء في جامعة الدول العربية الاثنين وعشرين، لتقع تحت الاحتلال الحبشي بدعوى نصرة فريق على فريق، وتأييد الدولة ضد خصومها السياسيين، والدفاع عن السلم ضد الإرهاب، وعن النظام ضد الفوضى، وعن التحضر والتمدن ضد القاعدة والطالبان. وتتفشى الكوليرا لدى الفقراء بسبب الماء غير الصالح للشرب؛ فالكل يتصارع على السلطة، ولا أحد يدافع عن الشعب مع أن السلطة للشعب.
ما يحدث في دول الجوار الإسلامي، أفغانستان والشيشان وكشمير، هو امتداد لما يحدث في الوطن العربي. ويتم الغزو الأجنبي للدول الثلاث بطريقة القرن التاسع عشر، والاستعمار في أوجه، والغزو العسكري والاحتلال المباشر هو وسيلة التخاطب بين الشعوب؛ فالحق هو القوة، والقوة هي الحق. وتأتي أصوات الاستغاثة عن بعد من المسلمين في بورما وتايلاند، أصوات بعيدة تنضم إلى الأصوات القريبة في فلسطين والعراق.
ويعلق أحد الرؤساء العرب على المشنقة هو ورفاقه حتى انفصال الرأس عن الجسد بمحاكمة غير شرعية، ودفاع منقوص، وأحكام مسبقة صدرت؛ فلا مانع اليوم من اليد الطويلة، والقوة القاهرة. والقاهر للداخل لا يقوى على صد القهر من الخارج حتى لو تحالف معه، والدرس لكل رئيس عربي يخرج على بيت الطاعة.
وتظل الصورة في الذاكرة الوطنية، ولا يتحملها حتى الأطفال، فيشنقون أنفسهم طوعا في اليمن وباكستان، ويتحول الرئيس من ظل الله في الأرض إلى أسطورة في التاريخ مثل المسيح على الصليب، ويتحول الطغاة إلى شهداء.
ويعلن كل يوم عن أن القوات الأمريكية وجدت في الخليج لتبقى، وأن بقاءها ليس مرهونا بما يدور في العراق أو فلسطين أو إيران أو سورية أو لبنان، بل دفاعا عن المصالح الأمريكية في المنطقة؛ النفط وعوائده، والمواقع الاستراتيجية والأسواق ومناطق النفوذ؛ فالحرب الباردة لم تنته بعد، والإمبراطورية الأمريكية للمحافظين الجدد مشروع متواصل، من رئيس إلى رئيس، ومن إدارة إلى إدارة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اندلاع الحرب العالمية الثالثة. ويعلن عن بناء أكبر قاعدة عسكرية في شمال العراق للتنسيق مع قاعدة إنجرليك في تركية لحصار الاتحاد السوفيتي من الشمال والجنوب؛ فالأرض لا صاحب لها. وكما فعلت الصهيونية في فلسطين وبداية الهجرات اليهودية منذ أوائل القرن الماضي، شعب بلا أرض في أرض بلا شعب، وتبني قاعدة ثالثة في قازخستان، أكبر قاعدة في آسيا، حتى يتم حصار آسيا كلها من الجنوب والغرب؛ الشمال جليد، والشرق الصين هي الهدف من الحصار.
ويتم تهديد سورية ولبنان وإيران كل يوم؛ فسورية تؤيد المقاومة في العراق وطريق إيصال الأسلحة إلى حزب الله في جنوب لبنان، وترفض الصلح مع إسرائيل، والجولان محتل، وهي آخر من تبقى من النظام العربي القديم والمشروع القومي العربي في مناهضة الاستعمار والصهيونية في الخارج، وتحقيق الوحدة والاشتراكية في الداخل. والمطلوب من المقاومة في لبنان نزع السلاح وجزء من التراب الوطني ما زال محتلا، ومطلوب أيضا التخلي عن القضية الفلسطينية والهم العربي، وأن تكون جزءا من المشروع الأمريكي الصهيوني للبنان والوطن العربي. وتهدد إيران لأنها تجرأت على الدفاع عن إرادتها الوطنية، وحقها في امتلاك الطاقة النووية حتى للأغراض السلمية، وأربعون دولة تمتلك هذه الطاقة، ومن دول الجوار من حولتها إلى سلاح نووي في إسرائيل والهند وباكستان وكوريا في الشرق، وأمريكة لا تهددها بالعدوان طبقا للمعيار المزدوج الذي يمارسه الغرب في سياساته الداخلية بين البيض والسود، بين المواطنين والمهاجرين، وفي سياساته الخارجية بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية. ويطالب لبنان بقبول محكمة دولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق تحقيقا سياسيا، وليس جنائيا، مع تجاوز نظام القضاء اللبناني. وفي نفس الوقت تتم تبرئة دولة صربية من جرائم البوسنة والهرسك، وذبح الآلاف من المسلمين في المناطق الآمنة التي أعلنتها الأمم المتحدة. ولا يتم التحقيق دوليا في اغتيال عالم الذرة المصري المشد، ولا في وقوع الطائرة المصرية المدنية بالقرب من نيويورك، ولا في اغتيال إسرائيل لأبي جهاد في تونس، أو أبي عمار في رام الله، أو في مقتل مئات من المصريين العزل الأسرى في سيناء في عدوان 1967م، أو في العدوان الأمريكي على العراق وأفغانستان، أو الإسرائيلي على فلسطين، أو الروسي في الشيشان، أو الهندي على كشمير.
تستمر الإهانات بخضوع النظم السياسية لإرادة الأجنبي المحتل، مثل تأييد خطة بوش الأخيرة لتحقيق الأمن في العراق، والمقاومة تزداد كل يوم وتشتد، وتقبل دول عربية مركزية أن تكون طوقا للاعتدال ضد مخاطر نظم عربية أخرى أو مع دول الجوار متهمة بالتطرف؛ فيقسم الوطن العربي إلى محاور ومناطق نفوذ طالما قاومها في تاريخه الحديث قبل الثورات العربية في النصف الأول من القرن العشرين، أو بعدها في النصف الثاني منه. وأخيرا نشأ طوق آخر من دول سنية لإحكام الطوق حول الدول الشيعية لقسمة العالم الإسلامي قسمة داخلية، بدلا من مواجهة العدوان والهيمنة الخارجية. وتحولت دول الطوق من حصار إسرائيل إلى حصار إيران.
Неизвестная страница