Мой разум и твой разум

Салама Муса d. 1377 AH
67

Мой разум и твой разум

عقلي وعقلك

Жанры

وأسوأ الأشياء في مركب النقص أن يرافقه تدليل؛ فإن الناقص المدلل نكبة على نفسه وعلى الناس، وهو ينشأ عاجزا عن كسب قوته، وأنت قد ترى في المدينة رجلين كلاهما أحدب، أولهما يعمل في صناعة قد يربح منها خمسين أو مائة جنيه في الشهر، وقد أنساه النجاح هذا النقص، فهو يسير وكأنه ليس به أي حدب، حتى لقد اعتدل قوامه بعض الشيء، فهذا الأحدب لم يدلل، ولكن انظر إلى هذا الآخر الذي احترف الشحاذة؛ فإن أمه دللته وأعجزته بهذا التدليل عن كسب قوته، فهو شحاذ يسير وقد زادت حدبته للذلة التي يمارسها كي يستجدي العطف.

وأعظم ما يؤخر أو يعطل نمو الشخصية وإيناعها هو مركب النقص بألوانه الظاهرة والخفية، ونحن في حياتنا العامة لا نصاب بمركب واحد للنقص؛ فإن هناك مركبات عديدة توالينا إلى سن الشباب، ولكن مركب النقص يتكون - في العادة - أيام الطفولة، حين لا يكون الوجدان قد نشأ ونما واستطاع المقاومة.

انظر إلى شاب قد وصل إلى العشرين وخاب في حياته المدرسية؛ فإن هذه الخيبة قد تحمله على التواكل والرضا بالمركز الوضيع الذي لم يستطع أن يرتفع إلى أعلى منه مع الحقد على الناجحين، ولكن من جهة أخرى قد تحمله هذه الخيبة على أن ينبغ في علم أو فن بمجهوده الشخصي حتى يعوض ما فاته.

ولكن يجب أن نذكر أن مركب النقص إذا أدى مرة إلى نبوغ وإقدام فإنه يؤدي عشر مرات إلى انكفاف وانعزال وضعة، وفي كل منا نقطة حساسة ترجع إلى مركب النقص، ولكننا ننساها بالنجاح.

وعلامة البراءة من مركب النقص هي قدرة الشخص على أن يتهكم على نفسه وأن يسلك - في غير تكلف - وألا يبالي أن يعرض عيوبه مثل سقراط، وأن يتحمل الإساءات الصغيرة التي لا يتحملها غيره، وأن يختلط بالمجتمع في يسر.

وكثيرا ما نتعوض من مركب النقص بأن نتخذ اتجاها معينا في الحياة يحملنا على ألوان من السلوك الشاذ أو المستغرب أو الغامض؛ فإن الناقص كي يدافع عن نفسه - من حيث لا يدري - يتنقص غيره؛ فالجاهل يستجهل الآخرين ويهجم عليهم في عنف وصخب، والمرأة الدميمة يزداد حياؤها وهي تتقلص أمام الرجال، ولا تطيق صراحة الإيماءة أو اللغة، والرجل الذي لم يتعلم في الجامعة يصر على أن يتعلم أبناؤه في الجامعة، والمرأة التي تزوجت رجلا مسنا تصر على أن تتزوج بناتها شبانا، كأن الأب والأم قد نقلا نقصهما إلى الأبناء وعمدا إلى التعويض فيهما.

وأخيرا يجب أن نذكر أننا أحيانا نحدث أنفسنا عجزا كي نزيد كفاءتنا؛ فإن دميسي - الملاكم المشهور - كان وقت التدريب يربط يده اليمنى إلى ظهره، ثم يلاكم بيده اليسرى فقط رجلا له يدان حرتان للملاكمة، وكان ديموستين الخطيب الإغريقي ألكن، ولكنه كان يزيد مركب النقص هذا؛ أي: اللكنة بأن يضع الحصا في فمه ثم يخطب وهو على شاطئ البحر، حتى يسمع صوته من خلال اصطخاب الأمواج - على الرغم من الحصا وعلى الرغم من اللكنة.

أجل، إن العجز أحيانا يؤدي إلى الكفاءة، اذكر عنترة الشاعر الأسود، وتيمورلنك الأعرج، بل كافور الخصي، واذكر المئات من أمثال هؤلاء.

الضمير

يجب أن نميز بين الوجدان والضمير؛ لأن بعض الكتاب أوجدوا تميعا سيئا بين الكلمتين، فالوجدان هو أن أجد نفسي؛ أي: أفكر، وأحس أني أفكر، فلا أنساق كالنائم أو الذاهل في عاطفة غالبة، فتفكير الحيوان هو تفكير العاطفة التي تسوقه، حتى لا يدري ما يفعل، كالكلب يضع أنفه إلى الأرض ويطلب الطعام، كأنه نائم أو حالم، أو كالذكر من الحيوان يطلب الأنثى فيجري خلفها كالمجنون لا يبالي أية عقبة.

Неизвестная страница